الجمعة، 12 أبريل 2019

ا[بابا عمر وماما سارة]ا – الحلقة الثانية

#بابا_عمر_وماما_سارة#يوميات_عمر_وسارة الحلقة الثانية


قـال عمـر:
سبحان الله .. نفس الهجوم اللّي هجم علينا بعد الزفاف هجموا تاني بعد الولادة .. الزيارات ليل ونهار، بس المرة دي الوضع مختلف، إن حماتي هي اللي بتقوم بخدمتهم، والنساء يدخلون لسارة في حجرة النوم وأنا أتدبس مع الرجالة فى الصالون .. ولازم الكل يشرب مغات .. ليه؟ .. ولدوا هم كمان؟!!..
بس بصراحة المرّة دي فيه نقوط كتير ليحيى .. إكتشفت إنـّه وش الخير علينا .. كفاية إنهم وافقوا على موضوع شغلي الجديد في نفس يوم ولادة يحيى .. صحيح، سبحان الله .. عمري ما تخيلت معنى الآية: نحن نرزقهم وإياكم بالشكل ده .. يعني ربنا قدم رزق الأطفال على رزق الآباء .. الحمد لله .. ربنا يخليك لينا يا يحيى ..

قــالت ســارة:
"جايبة الوحاشة دى منين يا سارة؟"
كلمة سمعتها من كل من زاروني، واغتظت لها جداً، وكنت أغضب وأكاد أقول محدش يقول على إبني وحش، ده زى القمر .. لكن غمزت لي أمي إن الكل لازم يقول كده علشان لو البيبي تعب ـ لا قدر الله ـ ما نقولش إنهم حسدوه


.. طيب ما يقولوا إنـّه جميل ويقولوا ما شاء الله؟!!..
لا والأغرب إن ماما كانت تأمرني أن أتظاهر بالإعياء الشديد وإني شفت الأهوال في الولادة علشان برضه الحسد .. وكنت أرى نظرة نارية منها لو وجدتني ضحكت بصوت عالي، أو اقترحت الخروج من غرفة النوم للجلوس مع صديقاتي .. فتعيدني هذه النظرة إلى النوم على السرير والتظاهر بالكساح ..

قـال عمـر:
آآآآآخ .. نِفسي الضيوف دول يمشوا علشان أنام شوية .. والبيت محتاج فليبينية علشان يرجع لحالته الطبيعية، وطبعاً علشان حماتي هى اللى ح ترتب البيت، ما ينفعش أطنش ولازم أساعدها .. دي مش سارة علشان أسيبها تعمل كل حاجة وأنا سلطان زماني ..
المشكلة كمان إني بعد حملة الترتيب القاتلة لن أستطيع النوم في غرفة النوم كالمعتاد .. يكفينى سهرة إمبارح والحفلة اللي كان نجمها الأوحد الأستاذ يحيى من سيمفونية صراخ متواصل حتى الفجر، وعزف منفرد من بكاء سارة لفشلها فى إسكاته .. وكنت أنا المتفرج الوحيد فى هذه الحفلة .. وحاولت المساعدة ولكنـّني فشلت بالطبع فأخذت البطانية وسلـّمت أمري لله ونمت في الصالون ..
طيب أنا في أجازة حالياً حتى الأسبوع القادم عندما أبدأ العمل فى الشركة الجديدة، ودول ناس لازم أكون فايق جداً معاهم .. ح أعمل إيه فى الحفلات المسائية للأستاذ؟ ربنا يستر ..

قــالت ســارة:
آآآه .. أخيراً الضيوف مشيوا خلاص .. نفسي أناااااااااام .. أنا بقيت باعتبر النوم ده حاجة كده زى الحلم العربي .. البيه طول النهار نايم وطول الليل صاحي، مش فاهمة ليه؟ .. بجد بأبقى خلاص حارمي نفسي من البلكونة علشان ينام، وبرضه مفيش فايدة .. وطبعاً عمر مش عارفة أصلاً أشوفه من ساعة الولادة .. على طول مطرود من الأوضة .. ياربي هيّ كل الأمهات بيتعذبوا العذاب ده؟.. طيب والأم اللي بتصحى بدري علشان شغلها بتعمل إيه؟ .. آآآآه.. الحفلة ابتدت .. جاية يا يحيى باشا ..

*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*

قــالت ســارة:
اليوم الأستاذ يحيى كمّل 6 أيام من عمره الميمون .. والله مروا كأنهم 6 سنين .. على طوووول صاحية طول الليل وطول النهار، مش عارفة أعمل إيه .. حيجيلي إنهيار عصبى من قلة النوم .. وبقيت باتخيل حاجات ماشية على الحيطة، وناس بتكلمنى وأنا بارد ردود غريبة .. هو ليه كل المواليد بيحبوا يسهروا بالليل؟ ولو تكرّم عليّ ونام بيكون لنصف ساعة، ومش عارفة إيه اللي بيحصل ويقوم يعبر عن إستيائه إننا جبناه الدنيا الوحشة دي .. بجد مش لاقية وقت حتى أسرح شعري .. ومش عارفة لما ماما ح تسيبي بعد الأسبوع حاعمل إيه فى شغل البيت والطبيخ والكوارث اللي ورايا؟
المشكلة إني بآخد وقت طويل جداً لحد ما أعرف الباشا بيعيط ليه؟.. بأكون غالبا فى الآخر أنا كمان باعيط معاه .. لكن ماما، ما شاء الله، أول ما تشوفه بيعيط بتتحول إلى أستاذ أطفال في عين شمس وتقولي: عنده مغص .. عاوز ينام .. عاوز حد يزغزغه .. وعمر التشخيص ما بيطلع غلط .. طيب أنا ح أبقى كده إمتى؟.. بعد الطفل العاشر إن شاء الله؟!!

قـال عمـر:
البيت مثل خلية النحل، والدي ووالد سارة راحوا علشان يشتروا حاجات السبوع ويوصوا على العقيقة اللي ح تتدبح بكرة في سبوع يحيى .. وطبعاً همّا عارفين البير وغطاه، فتعللوا انهم بيعرفوا في الحاجات دي أكتر مني .. آدي الأبهات ولا بلاش ..
وجلست في إنتظارهم حتى عادوا ومعهم صناديق كبيرة مليئة بالحلوى والشيكولاتة .. وتجمع كل البيت عليهم .. أخواتي وأخوات سارة وماما وحماتي كمان .. وطبعا أول مرة كشاب أحضر عملية تغليف علب السبوع ..
في لحظات التف الجميع حول السفرة وكل واحد أخذ موقعه، حتى سارة استغلت فرصة نوم يحيى وانضمت لفريق العمل الجبار .. وكأنهم جميعاً طول عمرهم بيغلفوا علب سبوع فى الموسكي .. وأنا الوحيد اللي مش فاهم حاجة ..
لقيت العلبة بتمر على 7 أشخاص تقريباً حتى تكتمل؛ فالأول يحضر العلبة ويضع بها قطعة شيكولاتة، والثاني يضع بها البونبوني، ثم يسلمها للثالث الذي يغلف الشيكولاته والبونبوني بغلاف دانتيل رقيق ويضعه داخل العلبة، والرابع يضع لعبة صغيرة، والخامس يغلف كل هذا بغلاف حريري ويربط شريط فضي أو ذهبي، والسادس والأخير يلصق رباط آخر عليه اسم يحيى وتاريخ ميلاده وآية مكتوب عليها: لم نجعل له من قبل سمياً .. إخترناها أنا وسارة تيمناً بيحيى الرسول عليه السلام ..
فعلا خرجت علبة السبوع رائعة الجمال، ورغم رفضي للفكرة لكونها غير إسلامية وموافقتي فقط كي لا تحزن سارة وكي لا أفسد على الجميع فرحتهم، فكرت في فكرة أننا نضيف مع اللعبة الصغيرة ورقة صغيرة مطوية بها بعض الأدعية المستحبة، وآداب سنن المولود، وكيفية شكر الله على نعمة الولد .. ووافقني الجميع على الفكرة كي نأخذ ثواباً .. وأيضا يفرح الجميع .. وكلفنا صاحب مطبعة بطبع ورقة الأدعية بحيث تكون صغيرة الحجم كي توضع داخل علبة السبوع .. وعجبته الفكرة واستأذنا فى نشرها ..
وبالفعل أضفنا الورقة لعلب السبوع، وسبحان الله أعطتها شكلاً مميزاً عن كل علب السبوع المعروفة .. وكنت واقف أراقب فريق الموسكي وهم يعملون بمهارة حتى أصروا جميعا أن أشاركهم .. وطبعاً أفسدت كذا علبة فى الاول بس بعد كده بقيت حريف أنا كمان ..

قــالت ســارة:
ماما أخبرتنى أن ليلة السبوع لابد أن تستحم الأم بالماء الساخن، وتدلك كل جسدها في وقت طويل جداً كى تخرج من جسدها آثار تعب الولادة، وتعود عروساً مرة أخرى .. ولابد أن تصفف شعرها جيداً وترتدي شيئاً جديداً تنام به في هذه الليلة ..
ضحكت في سري وأنا أسمع التفسير العبقري، ورغم أنـّنى لا أحب أن أتبع عادات لا أفهمها، ولكني كنت سعيدة بكل هذه الطقوس الخاصة، وأريد أن أعيش تجربة الأمومة لأول مرة بكل تفاصيلها .. فكنت أوافق على كل العادات القديمة طالما ليس بها شىء حرام .. فوافقتُ أمي .. وبالفعل شعرت أنـّني أفضل كثيراً بعد جلسة المساج الإجبارية ..
وجاء دور يحيى هو الآخر، لابد أن يستحم في هذه الليلة داخل غرفته .. وكاد قلبي يسقط من الخوف عليه لبرودة الجو .. ولأنه إستحم بالفعل في المستشفى، ولكنهم ـ ماما وحماتي ـ أصروا وأحضروا بانيو الإستحمام البلاستيك الخاص به، وفرشوه بملابسه كي لايكون بارداً عليه وأغلقوا الباب .. وما أن خلع كل ملابسه حتى صرخ من البرودة مثل القطة الصغيرة حديثة الولادة التي تصارع الأمواج، وتحول لونه للأزرق من شدة البكاء .. وحماتي تضحك وترقيه ببعض الآيات وأنا لا أتوقف عن البكاء .. وعمر دخل الغرفة ليرى عملية التعذيب هو الآخر، ولم يحتمل لحظات وخرج .. وأنا أتوسل لهم أن يتركوه بلا فائدة ..
وأخييييييراً إنتهى الحمام التعذيبي وأحضروه لي وهو لا يكف عن الصراخ، وهدأ ونام فقط بين أحضاني ..

قـال عمـر:
هى كلّ حاجة بتتعمل للأم والاب خلاص بيتركن على الرف؟!!.. لازم الواحد يعمل ثورة في البيت ده علشان يرجع سي السيد تاني.. بس إيه ده الواد يحيى لونه فتّح شوية بعد الحمام .. كان جميل أوي الجو اللي عملوه ماما وحماتي في أوضة النوم .. فرشوا مفرش سرير جديد، وأشعلوا شموع لابد أن تظل مضيئة طول الليل رمز لإنارة طريقه إن شاء الله .. ووضعوا مصحف صغير فوق رأس يحيى وهو نائم .. ووضعوا ورود ونباتات خضراء حول السرير كي تكون حياته كلها خير ورخاء .. وأخيراً أداروا القرآن فى الكاسيت بصوت منخفض جداً ليظل دائراً طول الليل، كي تظل كلمات القرآن فى صدره طول العمر ..
وفى هذا الجو الجميل رأيت أحب شخصين إليّ فى الوجود؛ سارة وقد أشرق وجهها وأضافت له الأمومة لمحة حنان تمس القلب .. وحبيبي الصغير وهو نائم كالملائكة وقد استرخى جسده بعد الحمام الساخن .. فنام نوماً عميقاً .. ورأيته يبتسم لأول مرة فى أحلامه، فزاد جمالا فوق جماله ..
يارب .. كيف أشكرك على كل هذه النعم؟
ونكمل في الحلقة القادمة 

ا[بابا عمر وماما سارة]ا – الحلقة الأولى

#بابا_عمر_وماما_سارة#يوميات_عمر_وسارة#الحلقة الأولى


قــالت ســارة:
احتضنت يحيى بقوة ونحن عائدون إلى منزلنا وكأنـّني أخاف أن يغيب عن عيني لحظة واحدة .. رفضت كل المحاولات أن يحمله أحد بدلاً مني في السيارة .. أخاف لو تركته أن يتسلل ويدخل داخل رحمي مرة أخرى ..
لا أستطيع أن أبعده عن أحضاني لحظة .. وعندما طلبت الممرضة أن تودعه حجرة الأطفال كي أستريح من إرهاق الولادة رفضت بإصرار وكدت أقتلها .. ورفضت حتى أن ينام فى سريره الصغير في المستشفى، وأصريت أن ينام بجواري، وأفسحت له مكاناً ليكون ملتصقا بي .. ألم يكن ينام بجوار قلبي لأيام وشهور؟! كيف أستطيع فراقه وقلبي أحبه قبل أن تراه عيني؟!!
أجمل طفل رأته عيني .. ولاّ لأني أمّه بأقول كده؟
أمّه؟! سبحان الله .. كيف تحولت في شهور قليلة من فتاة بريئة تستطيع حشو العالم فى جيوبها، وتلمع عيونها بالحيوية والإندفاع والجنون، إلى أم هادئة عاقلة تخشى من نسمة الهواء أن تصيب ولدها؟ .. وتوافق بلا تردد أن تموت هي ولا يخدش إصبع وليدها؟ .. سبحان الله .. لا يمكن أن تتحول الأنثى إلى هذه الدرجة بملء إرادتها .. بل لابد من غريزة ربانية تغزو قلبها بعشق هذا الطفل قبل أن تراه، كي تقبل كل هذا الألم والإرهاق، حتى يشب وليدها رجلاً .. يا الله .. حتى فى عشق المرأة لأطفالها يكون الله ثالثهما ..

قـال عمـر:
والله وبقيت أب يا عم عمر .. إيه ده إزاي يعني؟ .. يعني المفروض أعمل إيه؟
لا أنا بجد لسه متلخبط وحاسس إني إتاخدت على خوانة يا رجالة .. يعنى نخرج من البيت إتنين ونرجع تلاتة؟ .. بس برضه ح أطير من الفرحة .. وكل ما أبص ليحيى أشوفه ملاك جميل نائم فى أحضان أمه التي ترفض أن يحمله غيرها .. وناقص تديهولي على عرض حال دمغة .. بس بجد أنا لو منها وشفت العذاب ده كله لا يمكن أخلى حد يلمسه .. الحمد لله أن الأم هى اللي بتولد مش الأب .. وكفاية العض والخربشة اللي شفتهم من سارة فى الولادة ..

والمشكلة انى مش عارف أشيله خالص .. وحاسس إني بأشيل قطعة كريستال ستنكسر من أي حركة خاطئة .. والكل يصرخ فيّ؛ سارة وأمي وحماتي بألف تحذير: حاسب حتلوح رقبته .. حط ايدك في ظهره .. ما تبوسوش جامد .. دقنك ح تشوكه .. حتى قررت أن أتفرج عليه وهو على ذراع أمه .. يعني لو سمحتلي .. رغم إن أنا اللي دفعت كل التكاليف في المستشفى وخلافه .. كمان إكتشفت إن عبارة: ألف مبروك، واللي جابلك يخليلك .. معناها: إدفع ياسيدى من سكات .. سمعتها ألف مرة من العمال والممرضات في المستشفى حتى توسلت لهم أن نرجع البيت فورررررراً ..

قــالت ســارة:
آه .. واضح إن تأثير المسكن حيبدأ يروح وبدأت أشعر بأن 10 فتوّات إدوني علقة جامدة جداً .. أو إني مشيت من طنطا لأسوان .. آلام في كل جسمي، ولا أريد إلا أن أنام ..
وتركت تحضير الطعام وأمور البيت لأمي وحماتي وأخذت يحيى بجواري وأنا أكاد أتفتت من التعب .. واستغرقت في النوم في لحظات معدودة...... إيه ده هو أنا لحقت أنام؟ ده أنا ما كملتش نصف ساعة؟ ده صوت قطة ده ولا إيه؟.. مين ده؟.. آآآآآه ده يحيى ..
إيه يا حبيبي بس الله يهديك بتعيط ليه؟ .. نفسي أنام ولو ساعتين .. بجد ح أموت من التعب .. يا ماااااااااما الحقيني أعمل إيه؟
وجاءت أمي على صراخي وهي تضحك وتقول: علشان تعرفي الغُلب اللي انتي وريتهولي وانتي صغيرة ..
فرددت وأنا أكاد أبكي: طيب يا ماما خديه دلوقتى علشان أنام واديله رضعة .. وأنا أول ما أصحى ح أعرف كل حاجة على طول ..
رفضت ماما بإصرار وردت عليّ: بلاش دلع، قومي رضعي الولد، ده ميت من الجوع ..
فرددت بتعجب: أرضعه؟! .. إزاي؟ مفيش لبن لسه .. لا لا ما أعرفش .. أتكسف يا ماما ..
فردت وهى تكاد تضربني: تتكسفي من إيه يامجنونة انتي؟ .. يالاّ الولد ح يموت من الجوع .. وبعدين هو لما يرضع يا حبيبتي ربنا حيبعت له رزقه وحييجي اللبن .. يالا بلاش دلع ..
قلت باستسلام: طيب يا ماما .. من فضلك أخرجي وأنا حارضعه ..
خرجت ماما وتركتني مع يحيى .. ضممته إليّ والقمته صدري بأيدي مرتجفة، وأنا أتوقع أن يرفضه أو الاّ يعلم كيف يرضع .. ويا للعجب كأنه غريق وجد قارب النجاة .. وجدته يحرك شفتيه الصغيرتين ويرضع بكل هدوء واطمئنان .. سبحان الله من علمه هذا؟ سبحانك يارب .. من أين سيأتى الحليب؟.. آه .. أشعر بشرايين صدري تتوسع .. وقنواته المغلقة منذ ولدت تتفتح لتستقبل رزق الله من الحليب الطاهر بمجرد أن طلب صغيرى رزقه من الله .. وأخذ يحيى يرضع حتى ارتوى ونام هانئا .. وسالت دموعي وأنا أرى عظمة الله تتجلى فى هذه المعجزة الربانية ..

قـال عمـر:
ممنوع أدخل أوضة النوم علشان سارة ويحيى نايمين فيها .. وماما نامت فى الأوضة التانية .. وحماتي في المطبخ .. طيب أنام فين أنا بقى، عند البواب؟
من أولها كده يا يحيى باشا حنتركن على الرف؟ .. ماشي ياعم .. بس لما تكبر ح أوريك .. خلاص حأنام فى الصالون وأمري لله .. بس فى البرد ده؟! يالا علشان الواحد يقوم عنده كساح ونخلص بقى ..
بس سارة وحشتني .. ويحيى كمان وحشني .. طيب أعمل ايه؟
اتسحبت لأنام بجوارهما في دفء الحجرة، ومشيت على أطراف أصابعي وفتحت الباب بمنتهى الهدوء، لأجد سارة حبيبتي نائمة في بحر عميق من شدة الإرهاق .. وبجوارها الباشا الذي احتل مكاني .. وجدتها فرصة لأدقق في ملامحه، لأجده ورث عيون سارة الجميلة، ولون بشرتها الخمري، وأخذ لون شعري الأسود، وشكل ذقني .. ولمست بشرته الحريرية وأنا أتمنى أن يكبر فوراً لألعب معه وأعرفه أني والده .. وقبّلته بحرص شديد .. ولكن يبدو أنـّني أقلقت منامه، فاستيقظ يبكي .. وحاولت إسكاته فلم أعرف طبعاً .. فصحيت سارة مفزوعة واكتشفت جريمتي وصرخت فيّ: حرام عليك ياعمرررررررررررر ..!

لا أدري لماذا تذكرت فيلم الحفيد؛ والأب يبكي وهو يشتري لوازم الولادة من مغات ودجاج وخلافه وأنا مع حماتي نشتري لوازم البيت والمغات ووو... مع طبعا اللمز واللمز من حماتي إننا مفروض نكون إشترينا كل الحاجات دى قبل الولادة .. وأنا أتحجج بأن سارة ولدت قبل ميعادها، وطبعا لم أقل أننا لم نملك ما نشترى به جناح كتكوت ..
اشترينا كمية من الدجاج تكفى حي شبرا، وطن مغات وحلبة وسكر وعسل وأرز ووو... وكدت أبكي أنا الآخر وأترك حماتي وحدها وأتعلل أن عندي مشوار لليونسكو .. لولا اني وجدتها وقت الحساب تخرج مبلغاً ضخماً وتحاسب هي .. رقصت من السعادة وأنا أقطب جبيني وأقول: ليه كده بس يا طنط؟ طيب لو ما كنتيش تحلفي..!!

قــالت ســارة:
إيه يا جماعة هو أنا وَحش؟ إزاي آكل فرخة كاملة لوحدي؟ وكمان مسلوقة؟! لا بجد حرام ..
لم تجد توسلاتي صدى أمام روسيا وأمريكا؛ أقصد ماما وحماتي ..أخيييرا أجدهم متفقين في شيء منذ زواجي ألا وهو ضرورة جعلي كالدرفيل بعد الولادة من كثرة الطعام .. فأجدني في الصباح مضطرة إلى شرب كوب كبير جداً من المغات الذى تعلوه طبقات من السمن البلدي والمكسرات، والذى يكفي وحده إلى جعلي شبعانة لمدة شهر .. ويتبعه كوب كبير من الحلبة بالعسل الأسود .. مش عارفة ليه .. وكل ما أبدأ بالإعتراض تجتاحني نظرات نارية من الطرفين تجعلني أبتلع الكوب والملعقة أيضاً ..
والمشكلة أنـّني مطالبة بشرب كميات لا نهائية من المغات والحلبة طوال اليوم .. وعندما أرى الكوب الميمون يتجه نحو فمي يكاد لسان حالي يقول: إشربي يا شابة، ماحدش بياكلها بالساهل .. ووقت الغداء أجدني مضطرة إلى أكل فرخة ضخمة في حجم الديك الرومي وحدي .. لا أعرف لماذا؟ ومثلها فى العشاء .. لا أعرف لماذا يظنون أن من تلد لابد أن تتحول إلى فيل بزلومة؟!! .. فينك يا عمر؟!!!

ونكمل الحلقة القادمة