الخميس، 19 يوليو 2012

يوميات اتنين متزوجين (عمر وسارة ) - الحلقة الحادية عشر


يوميات اتنين متزوجين  (عمر وسارة ) - الحلقة الحادية عشر
قـالت سـارة:
مشاعر كثيرة متضاربة تجتاحني .. فرح وسعادة عارمة، وخوف وقلق وتوتر، وضوضاء جميلة تغمر كل مشاعري .. لا أعرف ماذا أفعل؟ .. كيف سأخبر عمر؟ وهل سيفرح؟ أكاد أطير من السعادة، وأرقص من النشوة .. وأخذت أجري في أنحاء الشقة من فرط سعادتي .. أريد أن أفتح كل الشبابيك والأبواب لأصرخ في الجميع أن الله أعطاني رزقاً واسعاً وجعلني أنثى مكتملة الانوثة ..
هبطتُ بقوة على الكرسي من كثرة حركاتي الجنونية كما أفعل دائماً وأنا ألهث من السعادة .. وتذكرت أنـّني لست وحدي الآن بل يوجد من يشاركني جسدي ويقتسم خلاياي وأنفاسي معي، ولابد من إحترامه واعطاءه حقه بالكف عن هذه الحركات الصبيانية، وهمست له: عفواً يا صغيري .. سأصبح أماً حنوناً لك من الآن ..
أمسكت التليفون وطلبت أمي، ولم تكد تسمع صوتي وهو يرقص من الفرحة، وقبل أن أقول شيئاً صرخت هي: إنتي حامل يا سارة مش كده؟
فرددت وأنا أضحك: إيه ده هي الجزيرة لحقت ذاعتها؟ عرفتي منين يا جميل؟
ضحكت ماما وردت: ألف ألف مبروك .. هو انتي فاكرة إني مش بأحسب معاكي باليوم ولا إيه؟ بس ما كنتش بأحب أوتّرك في حاجة مالكيش يد فيها .. ألف ألف مبروك يا حبيبتي ..
قلت: الله يبارك فيكي يا ماما ..
ماما طبعاً مانسيتش توصيني: بس خلي بالك من نفسك، وبلاش حركات الجنان بتاعتك والجري والتنطيط ده .. خلاص إعقلي ياسارة ح تبقي أم ..
همستُ في سري إنها لو شافت ماتش الجري بتاعي من لحظات كان أغمى عليها فوراً .. طبعاً طبعاً ياماما، ما تقلقيش ..
كمّلت الوصايا: وخلي بالك من أكلك وحركاتك ونومك .. إلخ إلخ إلخ .. وأخذت أمي تسرد وابلاً من النصائح في شتى المجالات .. حتى نمت منها على السماعة .. إن شاء الله لما أخلف ح أهري إبني نصايح علشان أخلّص تاري .. ولكن للحق بعض النصائح النسائية الخاصة لم أكن أعلم عنها شيئا .. ده أنا كنت ح أبهدل الدنيا .. ربنا يخليكي لي يا ماما ..
وأجريت مكالمة مماثلة مع حماتي لأنها كانت زعلانة من آخر مرة أخبرتها بذوق ألا تتدخل في شؤوني الخاصة .. وللحق هي طارت من الفرحة، وأسلوبها معي كان أسلوب أم بحق .. وأشعرتني بحنانها لأول مرة .. وأنهيت المكالمة وأخذت أحضر الغداء، وفكرت في طريقة أخبر عمر بها .. فكرت طويلاً .. وأخيراً وجدتها ..

جاء عمر واستقبلته بشكل طبيعي جداً وأنا أكاد أنطق له بالسر في كل لحظة .. ولكني تماسكت وأعددت الغداء في هدووووووووء، وجلسنا عادي جدااااااااا .. وبدأ يأكل ..
لاحظ أنـّني وضعت طبقاً وملعقةَ وشوكةَ إضافيين .. فسألني في دهشة: إنتي مزودة طبق ثالث ليه؟ فيه حد جاي؟
فرددت في غموض: أيوة ..
عمر: طيب مش تقولي يا بنتي .. وسايباني آكل كده ..
أنا: لا مش مشكلة، ما هو مش غريب ..
عمر: مين؟ .. ماما ولا بابا ولا حد من إخواتك؟
فرددت بهدوء يفرس: لأ ..
قال وقد نفذ صبره: هو احنا في رمضان ولا حاجة؟ إيه الفوازير دي؟! .. طيب نستنى ولا ناكل؟ أنا ح اموت من الجوع ..
فرددت وأنا أبتسم إبتسامة أودعتها كل أنوثتي: لا ياحبيبي، كل إنت بالهنا والشفا .. ماهو مش معقول أسيبك تستنى 9 شهور ..
فنظر إليّ بدهشة وعدم فهم في البداية .. ثم نظر إليّ بعدم تصديق .. وأخيييييرا نطق وهو غير مصدق: سارة إنتي .. إنتي .. حامل؟
فهززت رأسي بالإيجاب وأنا أتوقع رد فعله أن يقفز من الفرح ويحملني و... و... و... ولكنـّني فوجئت بآخر رد فعل كنت أتوقعه على الإطلاق .. رأيت دموعاً في عينيه لأول مرة في حياتي .. كانت أوّل مرة أراه يبكي .. دموعٌ غزيرة شاكرة مبتهلة .. لا أستطيع تصديق هذا أبداً .. كنت أعتقد أنّ الموضوع لا يشغله مثلي، ولكن واضح أنه كان يخفي انفعالاته كي لا يزيد همـّي .. يا حبيبي يا عمر ..
فقمت من مكاني واحتضنت رأسه، وأخذت أمسح دموعه وأنا أقبـّل رأسه وأبكي أنا الأخرى .. وأخيراً تمالك نفسه وابتسم وقال لي: خلاص بقى إيه الغم ده .. ألف مبروك يا حبيبتي .. كده برضه؟ مش تقوليلي من أول ما دخلت ولاّ تكلميني على الموبيل .. يا قلبك يا شيخة ..
فضحكت وأنا أسأله: يعني فرحان يا حبيبي؟
رد عمر وقال: بجد إحساسي لا يوصف .. يااااه .. ده أنا كنت قلقان بشكل .. وكنت أدعو الله ليلاً ونهاراً .. بس كنت مش بارضى أقولك علشان ما أزودش توترك .. يالاّ ياسارة، قومي إتوضي وتعالي نسجد شكر لله على الهبة اللي وهبها لنا  (وسجدنا أنا وهو .. وأخذ يدعو وأنا أؤمن على دعائه، وأرتجف في داخلي من دعاءه العميق المبلل بدموعه الشاكرة المبتهلة، وهو يشكر الله على عطائه الكريم، ويصفنا في الدعاء أنا وهو لأول مرة بالأب والأم، وليس بالزوج والزوجة، ويسأل الله أن يحفظ لنا وليدنا ويشب في طاعة الله ولا يمسه الشيطان أبداً ..
فرغنا منالدعاء، وجلسنا أنا وهو على الأرض على سجادة الصلاة وكأننا لا نريد أن نخرج من روحانية الصلاة والدعاء .. ورأيت عمر يتأملني بحب وهو يهمس لي: ألف مبروك يا حبيبة قلبي .. لو تعرفي غلاوتك زادت عندي ازاي؟
قلت في سعادة: ياسيدي يا سيدي على الحنيّة .. إيه الهنا اللي أنا فيه ده؟
عمر: لا والله صحيح .. دلوقتي أنا حاسس إن أنا وإنتي بقينا عيلة بجد .. بس لازم ياسارة نشكر النعمة الكبيرة دي .. حاولي تحافظي على نفسك وبلاش الجري والتنطيط ده يامدام .. مفهوم؟
أنا: يييييييييييييه، أنا سمعت الفيلم ده من ماما من شوية .. وإيه كمان؟
عمر: بصي يا قمر .. فيه حاجة مطلوبة منك طول فترة الحمل تعمليها علشان إبننا ان شاء الله يكون زي ما بنتمنى ..
أنا: إيه هيّ؟
عمر: عاوزك يا ستي ما تسمّعيش إبني غير قرآن طول فترة الحمل .. أنا قرأت كتير إن ده بيؤثر جداً على نفسية الجنين، وبيخليه بعد كده متعلق جداً بالقران .. عاوزك طول مانتي فاضية تقرأي قرأن وبصوت مسموع علشان يشعر ويتأثر بيه .. عاوزك تختمي المصحف كل شهر لو قدرتي .. إتفقنا؟
بهرني طلبه، فأجبت بدون تردد: اتفقنا ..
أضاف قائلاً: وفيه حاجة كمان .. الحصالة بتاعتنا الخاصة بالصدقات، من النهاردة سنضع للأستاذ فيها نصيب يومي .. مش برضه راجل ولا إيه؟
أنا: آه راجل طبعاً، ده حاليا في حجم الزيتونة، هو فيه حد قده .. ماشي ياسيدي فيه حاجة تاني؟
عمر: لا خلاص .. قومي بقي علشان أفسحك بالمناسبة السعيدة دي وأشتريلك هدية حلوة .. ولا ح تعملي لنا فيها حامل ودايخة والحوارات دي؟
أنا: لا ياعم .. حامل مين إنت بتصدق؟ حالبس في ثواني، بس إنت ماتغيرش رأيك .. حتوديني فين يا أبو العيال؟
ضحك على اللقب وقال: المكان اللي تشاوري عليه يا أم عتريس .. بس الأول أنا كنت ندرت إن لما ربنا يكرمنا بإبننا إن أول مكان نروحه أنا وإنتي وهو يبقي للجامع .. موافقة نروح نصلي ركعتين ونطلع مبلغ صدقة لله؟
أنا: طبعاً موافقة جداً جداً جداً جداً ..
****************
ونلتقي في الحلقة القادمة ,,,,,,,,,,,, انتظرووووووناااااااااا

يوميات اتنين متزوجين (عمر وسارة ) - الحلقة العاشرة

يوميات اتنين متزوجين  (عمر وسارة ) - الحلقة العاشرة
قــال عمــر:
ياسلاااام ياسي عمر، الله وبقيت زوج خلاص وبتخاف على كل مليم يحتاجه البيت!! فين أيام الفسح والإنطلاق والمصاريف بدون حساب؟ وكان دايماً والدي يقول لي لما تتحمل المسئولية ح تتغير وتعقل، ولم أكن أصدقه .. خلاص خلصت الأيام دي وخصوصا مع الأسعار التي لا ترحم .. أصبحت لا أفكر إلا في ما يحتاجه المنزل والضروريات؛ مثل الطبيب والميكانيكي والسباك وخلافه ممن يهجمون على جيوبي فيجعلونها بيضاء لامعة من غير سوء ..
بس برضه إحساس غريب إني لما أشتري شيء جديد للمنزل أنا وسارة باشعر بالسعادة على عكس ما كنت متخيل!! كنت أتصور وأنا عازب إن لو مر أسبوع لم أخرج فيه مع أصحابي في فسحة محترمة ممكن يحصل لي حاجة في عقلي .. لكن دلوقتي بأجد لذة كبيرة أن أضيف شيء للبيت حتى لو كان بسيط جداً .. فأشعر بجد إني وقتها رجل البيت .. وخروجي مع أصحابي أصبح في أبسط الأماكن التي لا تكلف الكثير .. وطبعاً أسمع تريقة للصبح إني بأوفر علشان أشتري الجرنال وبطيخة للمدام وانا راجع!!! أمال اللي عندهم أطفال بيعملوا إيه؟ ربنا يستر ..

قــالت ســارة:
يارب يا سميع يا مجيب حقق لي أملي .. أرزقني كما رزقتَ زكريا .. هب لي ذرية صالحة .. اللهم اجعلني أمّاً ..
ناجيت الله كثيرا بعد صلاة العشاء أن يحقق لي أملي ويهب لي طفلاً أسعد به، ويملأ عليّ دنياي أنا وزوجي .. لا أعرف كيف اجتاحني إحساس الأمومة من أول ما تزوجت؟ .. كنت وأنا بنت إحساسي بالأطفال مختلف .. لم يكن عندي صبر طويل معهم .. أحب الطفل وهو يلعب ويضحكن وأول ما يبكي تنقطع الصلة بيني وبينه وأرميه لأمه فوراً .. ماذا حدث؟ سبحان الله القدير .. أحنّ لشيء لم أره!! ونفسي تهفو لأن تجاور دقات قلبه جسدي، وأضمه بين ضلوعي .. كيف حدث هذا الإنقلاب؟ .. يارب يارب هبه لي هبة مباركة من عندك .. قد لا أكون أهلاً لهذه الهدية، ولكنك أهلٌ لهذا العطاء ياسميع يا مجيب ..
أكاد أجن من شدة وطأة هذا الشعور والحنين القاتل لأن أكون أماً، والغريب أن عمر لا يساوره هذا الإحساس مثلي .. بل يحمل خوفاً من مصاريف الأطفال ومسؤوليتهم الكبيرة .. رغم أنه حنون جداً على الأطفال، يمكن أكثر مني!! كيف هذا؟!! يمكن أنه يذكر ذلك كي لا يجرح مشاعري، أو أنه فعلاً لا يشتاق مثلي هذا الاشتياق الجنوني؟ لا أعرف .. يارب .. يارب ..
وما يجرحني بشدة ويزيد عندي الإحساس أني تأخرت في الحمل هو سؤال الناس الدائم لي: هاااا .. مفيش حاجة حلوة جاية في الطريق؟ .. أول ما أسمع كلمة "هاااا" الكريهة أتجنن .. خلاص السؤال ده أصبحت أهرب منه من الجميع، وكأن الموضوع بيدي وأنا التي لا أريد .. آه لو كل الناس تكون في حالها ..
حتى مكالمات التليفون من خالاتي أو أقارب عمر تكاد كلمة "هاااا" تحل محل ألو .. هو أنا باتدخّل في خصوصيات الناس بهذا الشكل؟ .. يمكن لو لم تكن الأسئلة تحيطني في كل مكان لم يكن الإحساس عندي تضخم بهذا الشكل .. وبعدين هو الحمل بيستخبى إزاي يعني؟! ماهو أكيد لما ح يحصل كل الناس ح تعرف، ولا ح أخرج وأسيب بطني في البيت؟!!
وحماتي ماشاء الله عليها لها دور كبيييييير جداً!!! تحيطني بكمية من العبارات الجارحة التي لا تتوقف، وكأننا متزوجين من عشرة سنين وليس 8 أشهر؟ .. معقول العقل ده؟ .. طول ما إحنا بنزورها، وخصوصا في غياب عمر، تحيطني بعبارات من نوعية:
عيني عليك يا عمر بتموت في الأطفال ..
دي فلانة ماشاء الله حملت من يوم الدخلة ..
ما بتفكريش تروحي لدكتور يا سارة؟
ولم أكن أرد أو أحكي لعمر كي لا يغضب .. ولكن من داخلي كانت تجرحني في أنوثتي دون مراعاة لشعوري وكأنها تسعد بهذا .. وكانت تعلم ميعادي الشهري باليوم، وفي اليوم المنتظر صباحاً تتصل بي كل شهر وتسأل سؤالها المعهود: جاءت؟ .. وأنكسر وأنا أرد بالإيجاب .. فتنهي المكالمة بغضب وتكاد تغلق السماعة في وجهي .. وفي آخر هذه المكالمات القاسية أجهشت في البكاء حتى استيقظ عمر وانتفض لما رآني منهارة بهذا الشكل، وسألني عما بي وهو يقرأ على رأسي آيات من القران كي أهدأ .. فلم أحتمل أن أخفي أكثر من ذلك وحكيت له عما حدث .. فسمعني وهو يكاد يغلي من الغضب، ولكنه كظم غيظه ورد عليّ بحنان: حقك عليّ يا حبيبتي نيابة عن ماما ..
فاقول له: طيب ليه تقول لي الكلام ده؟ .. هيّ دي حاجة في إيدي؟ ولا أنا يعني اللي مانعة الحمل؟
عمـر: معلش يا سارة، ما انتي عارفة ماما بتحبني قد إيه ونفسها تشوف أولادي ..
فصرخت فيه: يعني أنا اللي مش نفسي؟ لا حول ولا قوة إلا بالله .. ده أنا مفيش واحدة قالت لي على نصيحة حريمي إلا وعملتها .. ومفيش فاكهة أو أكل قالوا عليه بيساعد على الحمل إلا وأكلته .. وطول الليل بادعي ربنا .. أعمل إيه تاني بس؟
عمـر: إيه يا بنتي الجنان ده كله؟ هو احنا بقالنا ميت سنة متجوزين؟ ليه كل ده؟
رديت بعصبية: ليييييييييه؟ .. دي الناس كلها متفرّغة تسألني أنا حامل ولا لأ؟ .. كأنه إستجواب أو إتهام بالتقصير مثلاً ..
عمـر: يا حبيبتي دول ناس فاضية، ما تسأليش فيهم .. همّا الناس كده يسألوا البنت أول ما تدخل الجامعة: مفيش عريس ولاّ إيه؟ .. ولما تتخطب: هااا الجواز إمتى عاوزين نفرح بيكم؟ .. وأول ما يجوزوا: مفيش بيبي في السكة؟ .. ولما تجيبي البيبي: يالاّ بقى همتك هاتي له أخ يلعب معاه .. ولما تجيبي الطفل التاني ويتأكدوا تماماً إنـّك غرقتي في المشاكل يسيبوكي غرقانة وما يسألوش عنك تاني!! بالذمة تعملي إعتبار لناس حشرية كده؟
أنا: بس أنا خلاص تعبت بجد تعبت .. عمر أنا عاوزة أروح لدكتور .. أرجوك ..
فرد با ستعجاب: دكتور إيه يا حبيبتي، لسه بدري أوي على الكلام ده ..
أنا: معلش ريّحني ياسيدي أنا تعبانة بجد .. علشان أطّمّن بس مش أكثر ..
عمـر: يا سارة ما تستعجليش رزق الله .. الأطفال دول رزق زي الصحة والمال .. إفرضي يا ستي مش مكتوب لنا نخلف ح نعمل إيه يعني؟
فكدت أنفجر من بروده: طبعاً ما هو الأمومة غريزة لكن الأبوّة بالممارسة .. يعني عمرك ما حتحس باللي أنا حاسة بيه ..
عمـر: يا حبيبتي إحنا سعداء مع بعض والحمد لله .. مستعجلة ليه على المسئولية؟
ففاض بي الكيل وصرخت فيه: يووووووه يا عمر، أرجوك حس بي وتعال نكشف عند الدكتور أنا وإنت ..
وكأني طعنته في رجولته فرد بغضب: وأنا كمان!! ليه؟ أنا كويس ومعنديش مشكلة، أروح ليه بقي؟
أنا: يا سلام يا باشمهندش، سبت إيه للناس العادية .. إيه علاقة ده بالخلفة؟
فرد بعصبية: سارة أنا مش عاوز وجع دماغ .. ده اخر كلام عندي عاوزة تروحي للدكتور إنتي حرة لكن أنا لأ .. لأ .. لأ ..
أنا: ............ .!؟

الدكتورة: إيه يا مدام سارة إنتي بتدلعي علينا ولا إيه؟
أنا: ليه يا دكتورة ؟
الدكتورة: حمل إيه اللي اتأخر؟ إنتي متجوزة يادوب من كام شهر!! ليه الإستعجال ده يا بنتي؟
فردت أمي نيابة عني لما رأت إحمرار وجهي: ما انتي عارفة زن الناس يا دكتورة خلّوها تقلق ..
الدكتورة: بصي يا سارة .. التحاليل اللي قدامي بتقول إنك سليمة مية في المية، ولكن القلق اللي انتي فيه ده ممكن يخلوكي فعلا تتأخري في الحمل .. إهدي واطّمني وسيبي كل حاجة بأمر الله ..
فرددت بخجل: طيّب يعني يا دكتورة مفيش حاجة تعجّل الحمل شوية؟
الدكتورة: انا مش عاوزة ألخبط الهرمونات عندك وأتعبك بجد .. وبعدين زوجك ما عملش التحاليل ليه؟
أنا: .........!؟
الدكتورة: رفض طبعاً كالمعتاد مش كده؟! كل الرجالة في الموضوع ده زي بعض .. الوزير زي الغفير .. قليل أوي اللي بيرضى يكشف وبعد ما تكون مراته اتبهدلت!! ربنا يهدي ..
سألتها: طيب يا دكتورة أعمل إيه؟ أنا خلاص ح اتجنن ..
الدكتورة: هو انتي لو مفلسة وطلبتي من ناس فلوس صدقة وقالوا إنهم حايدوها لك واتأخروا عليكي .. ح تروحي تخبطي على بابهم كل يوم بإلحاح؟
رديت: لأ طبعاً ..
الدكتورة: بس إنتي بتطلبي من ربنا يا سارة مش من الناس .. إلزمي بابه ولن يردك أبداً ..

وخرجت من عند الدكتورة وأنا في قمـّة الإرتياح .. إرتحت جداً نفسياً أن ليس بي عيب يمنع الإنجاب .. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. يكفيني هذا الشعور كي أهدأ .. ولن يقلقني أحد بعد الآن ولو سألني أحد سأجيبه: لا تسألني أنا، بل اسأل الله .. لن أقلق أو أتوتر كي لا يؤثر على نفسيتي كما قالت الدكتورة ..
طيب وموقف عمر المتخاذل معي ماذا أفعل معه؟ .. أتشاجر؟ أخاصمه؟
لا لا .. لن أفعل كل هذا كي لا أغضب الله وأنا في أمس الحاجة لرضاه .. ولا أريد أن أعصى الله بغضب عمر مني، لأن ما عند الله لايؤخذ بمعصيته .. أفقت من سرحاني على صوت أمي تقول لي: ما تزعليش يا سارة من عمر .. هم كل الرجالة بياخدوا المواضيع دي بحساسية ..
ففاجأها ردي: لا يا ماما، أزعل ليه يعني؟ هو ده اللي ح يعجّل اللي ربنا كاتبه؟ .. وبعدين أنا ماأقدرش أزعل منه أبداً ..
فردت بغيظ: طيب يا ستي ربنا يخليه ليكي .. أنا الحق عليّ ..
وجاء عمر ليأخذني من عند ماما، وفي السيارة كان يتوقع مني البوز المتين وإني أتخانق أو حتى أبكي، وقصصت عليه ما قالته الدكتورة بكل بساطة وبدون لوم .. فصمت طويلاً وخجل من نفسه وقال لي: أنا آسف يا سارة ..
لم أرد، فواصل الكلام: أنا مش عارف سبتك ليه تروحي للدكتورة مع ماما! بجد أنا غلطان .. حقّك عليّ ..
رديت عليه وقلت: أنا فعلا زعلت منك، لكن قدّرت إنك واخد الموضوع بحساسية .. فخلاص يا سيدي ولا يهمك ..
أسعدته كلماتي فقال: ربنا يخليكي لي يا عمري ويكملك بعقلك .. وأقول لك حاجة، حتى لو خلّفنا مش ح أحب إبننا أكتر منك ..
أنا: .........!؟

ومرّت الأيام التالية وأنا هادئة تماماً وأدعو الله ليلاً ونهاراً وبتضرع وتذلل، ولكن باطمئنان ويقين داخلي أنـّه لن يردني أبداً، ولن يتركني خالية الوفاض .. وأبعدت أعصابي تماماً عن التوتر، وأكثرت كثيراً من الصدقات خلاف صدقات حصالتنا الأسبوعية أنا وعمر ..
وحماتي العزيزة واصلت بالطبع حملاتها الشرسة ضدي، وأنا لا أرد ولا أعيرها أي اهتمام .. حتى فاض بي الكيل من أسئلتها النارية والمستفزة فرددت عليها ذات مرة بهدوء وأدب حتى أغلق هذا الباب نهائياً: واضح يا طنط إن الموضوع ده قالقك أوي، وأنا عارفة إن ده من كتر حبك ليّا!! بس أنا بصراحة مش باحب أتكلم مع حد في خصوصياتي .. ده حتى ماما مش بتتكلم فيه خالص .. تتصوري يا طنط؟
حماتي: ........!؟
والغريب إن عمر كان جالس في هذا الحوار، ولم يغضب مني كما توقعت!! بل بالعكس إبتسم وغمز لي بعينه وتظاهر إنه يقرأ الجريدة كي لا تقتله أمه ..

وأخيييييييييييراً جاء ميعادي الشهري الذي أنتظره على أحر من الجمر .. والحمد لله لم تتصل حماتي لتسألني سؤالها الشهري المعتاد .. ومر اليوم بطيئاً بطيئاً دون حدوث شيء!! وكل دقيقة أترقب وأدعو ألاّ يحدث .. ومر اليوم التالي وأنا في عملي، ولا أركز إطلاقاً إلا في ترقب ما سيحدث؟ وهل ستتأخر شارة أنوثتي يوماً آخر؟ .. يارب .. يارب .
ومر يومان آخران وأنا أكاد أجن من التوتر الممزوج بفرح غامض .. هل يكون قد حدث؟؟ .. ولاحظ عمر أني لم أنقطع عن الصلاة كالمعتاد، فسألني بترقّب: إيه يا سارة فيه إيه؟ بتصلي ليه؟
ولم أرد أن أخبره إلا لمـّا أتأكد أولاً، فضحكت وقلت له: أصلي أشهرت إسلامي قريب ..
وطبعا لم ينخدع بهزاري، ولكنـّه لم يرد أن يسأل هو الآخر كي لا يصاب بإحباط ..
وعند مرور خمسة أيام لم أطق الإنتظار .. وبدون أن أخبر أحد إشتريت إختبار حمل منزلي و قرأت تعليماته: علامة حمراء واحدة لايوجد حمل، وعلامتان أي يوجد حمل ..
وأجريته ..
ومرت الثواني بطييييييييييئة وأنا أغمض عيني كي لا أرى ..
وأخييراً إمتد اللون الأحمر ببطء ليرسم علامتين ..
علامتين؟!!
يعني أنا .. أنا؟ حااااامل؟
وخرجت من الحمام وهبطت بكامل هيئتي في سجدة شكر طويلة .. وبللت دموعي الشاكرة وجهي .. ولهج صوتي بالدعاء وكل خلية مني ترتعد من فرط السعادة والشكر بهبة الله الغالية التي أودعها جسدي .. كيف أشكر هذه النعمة؟ .. وكيف أصونها؟ .. وكيف أخبر عمر؟ .. وماذا تكون ردة فعله؟ .. وكيف أخبر الجميع؟
أشعر أنـّني أريد أن أصرخ في الشارع وأوقف المارة وأخبرهم: أنااااااا حااااااااااااااامل ..

ونكمل في الحلقة القادمة ,,,, انتظرووووونااااااااااااااا




الأربعاء، 18 يوليو 2012

يوميات اتنين متزوجين (عمر وسارة ) - الحلقة التاسعة


يوميات اتنين متزوجين  (عمر وسارة ) - الحلقة التاسعة
قــال عمــر:
مر على زواجنا 6 أشهر تقريباً .. الحمد لله مرّوا على خير .. لكن لا أعرف ما هذا الإحساس الذي أشعر به .. إحساس بالاعتياد والتعوّد والركود .. لا رغبة لدي كي أفعل شيء جديد .. بمعنى آخر ما أشعر به هو الملل .. الملل من كل شيء في حياتي الجديدة ..
هذا لا يعني أنـّني لم أعد أحب سارة، بل بالعكس أشعر أنـني أحبها أكثر من زمان بعد ما عاشرتها، وعرفت رقـّة طبعها، واستحمالها لتقلبات طباعي، وصبرها على ظروفنا المادية الصعبة .. ولكن إحساسي من ناحيتها تبدل .. هذا التوهج الذي كنت أشعر به في مشاعري تجاهها فتر ..
كنت عندما أسمع صوتها في التليفون يدق قلبي، وتشعر كل خلية من خلاياي بالسعادة .. ولكن الآن مكالماتنا التليفونية عندما نبتعد عن بعض سريعة قصيرة لإبلاغ أمر هام أو طلب ضروري أن أشتريه ..
لم أعد متلهف للقائها مثل زمان، وكيف أتلهف وأنا أراها طوال اليوم أمامي!!
أصبح حديثنا اليومي أقل من زمان، عندما كنا نتحدث طوال الليل حتى نفاجيء بخيوط الفجر تداعب وجوهنا بدون أن نشعر؟؟ والآن ملل ملل ملل ..
ولكني لا أتصور حياتي لحظة بدونها .. وأشعر أنها صديقتي التي أعود سريعاً لأقص عليها كل ما حدث في يومي، فهي تمتاز بصفة لا توجد عند 95% من بنات حواء وهي فن الإستماع بدون لوم ولا تريقة .. حتى لو كانت متأكدة أني مخطىء فهي تلفت نظري بهدوء بعد فترة من الحديث كي لا تشعرني بخطأي مثل الطفل الصغير وتمسك اللّيْ الخرزانة زي الأطفال!! ولا تقول الجملة الخالدة التي تقود أي رجل للجنون: ماهو لو كنت سمعت كلامي ما كانش حصل كل ده ..
طيب لماذا أشعر بكل هذا الملل؟!! ولماذا فتر إحساسي بها كحبيبة وفتاة أحلامي؟
أعرف أني أظلمها معي عندما تراني أقل تلهفاً عليها، وأرد عليها أحيانا في اقتضاب .. أرى اللوم في عينيها بدون أن تصرح بشيء .. ولا تلومني في شيء .. ولكن أعمل إيه؟؟!!!!

قــالت ســارة:
مش عارفة عمر متغيّر من ناحيتي ليه؟ أنا بأحاول أرضيه بكل الطرق ولا أهمل في منظري أبداً، وكل طلباته أوامر .. طيب حصل إيه؟
هو صحيح مش بيتخانق معايا بس مش عمر بتاع زمان .. أشعر إنه زهقان من كل حاجة فى الدنيا حتى مني ..
طيب أعمل إيه؟ وكل يوم أسأله السؤالين الخالدين: فيه حاجة يا عمر؟ .. و: زعلان منى فى حاجة يا عمر ؟ .. والاجابة واحدة: لااااااااا ..
طيب أرجّعه إزاي زي الأول وأرجـّع أحاديثنا الطوييييلة تاني إزاي؟
هو ده بقي الملل الزوجي اللي بيقولوا عليه؟ .. وده الخرس الزوجي اللي بيصيب الأزواج وأعراضه سرحان وبحلقة في السقف؟ .. والرد على أي سؤال باشارة مبهمة لا تعني شيء، والفرجة على ماتشات الكورة حتى لو كان فريق جزر القمر هو اللي بيلعب ..
مرة قرأت أن تحريك بحيرة الزواج من الركود مسئولية الزوجة .. يعني جت على دي ومش حتكون مسئوليتها؟ .. ماهي كل حاجة على دماغها لوحدها ..
طيب تعمل إيه الزوجة؟ .. تعمل أراجوز علشان ترضي زوجها؟ بجد حرام كل حاجة عليها .. يا إما يقولوا دي منكدة عليه عيشته ومزهّقاه في الدنيا .. خلاص هو حر .. بقى مش عاوز يتكلم هو حر .. بس أنا مش عاجباني الحياة بالشكل ده .. وأنا كمان ح يتنقل لي إحساس البرود ده .. ودي عيشة بق؟!!
طيب حاحاول أفكر في طريقة .. وراك وراك يا عمر ح تروح مني فين؟
-
"إيه يا سارة انتي مش رايحة الشغل النهاردة ولا إيه؟" .. قالها عمر، فتصنعت الإعياء وأنا أرد عليه: لا تعبانة شوية وأخدت النهاردة أجازة يا حبيبي ..
عمر: ألف سلامة عليكي .. تحبي نروح لدكتور؟
رديت: لا دكتور إيه؟ ده الظاهر شوية برد .. ح أنام شوية وآخد كوباية ليمون وأبقي كويسة إن شاء الله .. وأنا قلت لماما تبعت لي الشغالة بتاعتها تساعدني، أصلي مش قادرة أعمل حاجة خالص ..
عمر: ما تقلّقنيش عليكي يا حبيبتي .. تحبي آخد إجازة أنا كمان؟
رديت بسرعة وقلت: لا يا حبيبي .. أنا ح ابقي كويسة، ما تتعبش نفسك مع ألف سلامة .. كح كح كح ..
وتركني وهو قلقان عليّ بجد .. آه لو لم أكن أعلم أنـّه يحبني أكثر من أي إنسان في الكون كنت قتلت نفسي!! لكن هو الإعتياد على الشيء الذي يفقدك بهجته والسعادة به، وهل معقول أن الإنسان يظل يشعر بالساعة التي يرتديها كل ثانية وكل دقيقة؟ كان سيصاب حتما بالجنون والإنهيار العصبي .. إنه لا يشعر بها إلا عندما ينظر لها بعد فترة من تركه لها، وأنا سأجعل عمر يراني من جديد ..
في التاسعة صباحا جاءت الشغالة وكان ورانا أنا وهي شغل كثير جداً .. كنت أريد تغيير نظام البيت كله حتى يشعر عمر أنه في عالم جديد، ولكن الموضوع ليس سهلاً، ولكن علشان عيون عمر كله يهون ..
غيرت مكان الصالون ونقلته مكان الأنتريه ليكون بجوار البلكونة بجوار الهواء الطلق .. مش مهم الضيف يتهووا، المهم إحنا .. وغيرت مكان التليفزيون ووضعت اتنين من كراسي الأنتريه متلاصقين بعد أن كانوا كل واحد في اتجاه كي نجلس عليهم أنا وعمر ..
طبعا السفرة لم أجرؤ على تحريكها لأنها تحتاج بلدوزر بشري يحركها .. أكيد اللي بيعملوا الفرش دول من كوكب المريخ أو فاكرين إن العريس هرقليز والعروسة زينة!!! لكني غيرت الفضيّات الموجودة في النيش بأخرى لامعة، وأضفت لها تحف صغيرة كانت مركونة .. وأخرجت مفرش سفرة جديد لم أستخدمه من قبل وفرشته ووضعت فازة كبيرة بها ورود أكثر إشراقاً ..
وحجرة نومنا غيّرت ترتيب كل جزء بها .. السرير مكان الدولاب، والتسريحة مكان الشوفنيرة، وفرشت مفرش يوم الدخلة الذي لم أستخدمه إلا لأيام معدودة وعلقت صورة زفافنا الكبيرة التي رفض عمر تعليقها في الصالون .. ووعدني بتعليقها في غرفتنا وطبعا نسي أو كسل .. الحمد لله الشغالة موجودة تعيش حياتها هيّ وتعلقها على راحتها ..
وأيضا مجموعة من صورنا أيام شهر العسل وضعتها في برواز ووضعتها على الكومدينو ليراها قبل النوم .. الله الله أعطت الغرفة شكل رائع .. أكيد ح يعجب عمر ..
وأخيرا حجرة عمر التي يعمل بها مشاريعه الهندسية، لم أرد ان أغير من طابعها الرجالي فكان يحتفظ فيها بسريره القديم أيام العزوبية ودولابه الصغير قبل أن يتزوج، والآن يضع به أوراقه وكتبه .. وده طبعا لأننا لم نملك وقت الجهاز أن نشتري حجرة معيشة أو حجرة أطفال جديدة فكان هذا هو الحل .. طيب أعمل فيها إيه؟
بعد أن قمنا بتنظيفها فكرت في فكرة جديدة، وهي أن أغير كل الصور العائلية التي يضعها في براويز على مكتبه بصور أعز أصدقائه الشباب، وأخرجت الألبوم سريعاً وأخرجت صور أفضل 5 أصدقاء له ووضعتها بشكل بارز له، وطبعاً سيدهش من هذاويقول مراتي إتجننت!!!.. لأن الزوجة بعد زواجها بتحاول بشتى الطرق أن تبعد زوجها عن أصدقائه القدامى كي تظل وحدها معه، ولا تعرف أنها بهذا بتخنقه ليهرب منها ويذهب لهم أكثر من الأول ..

خلاص أخييييراً أنهينا المعركة الحربية وأصبحت الشقة مختلفة تماما وازدادت جمالاً .. ومشيت الشغالة وهي أكيد بتدعي عليّ وعلى جناني الرسمي ..
وبعد أن أنهيت كل شيء في الشقة إرتديت ملابسي ونزلت بسرعة للكوافيرة اللي في نفس الشارع، والتي قلّت زياراتي لها للأسف توفيرا للنفقات، وأصبحت أعمل شعري في البيت وخلاص!! وقبل أن أدخل لها إشتريت جريدتنا المفضلة أنا وعمر ـ فاكرينها؟ ـ والتي كنا نقرأها أيام الخطوبة ونتناقش في كل مقالاتها، ولغبائي لم أعد أشتريها بعد الزواج .. له حق يزهق مني .. طيب ح نجيب كلام نتكلمه منين؟ لازم أحداث جديدة نتكلم فيها علشان أجذب إنتباهه لي ..
وطلبت من الكوافيرة أن تقص شعري قصة جديدة وهو ما كنت أرفضه دوماً تمسكا مني بشعري الطويل وتسريحتي التقليدية .. فقصـّت لي قصـّة جديدة جعلت خصلات شعري متدرجة ومحيطة بوجهي، فأظهرت إستدراته وزادتني جمالاً .. واقترحت عليّ تلوين بعض الخصلات به فخفت ورفضت .. ثم بعد إلحاح منها وافقت وتركتها تعمل .. وأنا أقرأ في الجريدة وإذا بعمر يتصل بي على الموبيل .. ياخبر .. كده المفاجأة حتبوظ لو سمع دوشة الكوافيرة ..
فجريت على الحمام وأغلقت بابه عليّ بإحكام، ورديت عليه متصنعة الإعياء، وطلبت منه أن يحضر أكل معاه لأني مش قادرة أعمل حاجة خاااااااالص!!! والحمد لله لم يلاحظ شيء، بل بالعكس إزداد قلقا عليّ وندما إنه سابني وأنا تعبانة ..
ورجعت للكوافيرة وجدتها بتصرخ لأن الصبغة مازالت على شعري .. بس الحمد لله ربنا ستر ولم يطلع اللون بنفسجي!!! بل بالعكس في صورته النهائية كانت النتيجة مبهرة، لم أعرف نفسي بجد في المرآة .. الله يكون في عونك يا عم عمر على اللي ح تشوفه ..
ورجعت البيت وأنا أشعر أني امرأة جديدة، وبيتي هو الآخر جديد، وأشعر بانتعاش جميل .. وارتديت طقم كنت أرتديه أيام الخطوبة!! وتزينت وأدرت موسيقى ناعمة في أنحاء المنزل ..
جلستُ في انتظاره، وكما توقعت جاء قبل ميعاده بنصف ساعة، وأول ما فتح الباب ورأي التغيير المدمـّر عاد خطوتين للخلف، واتلخبط وكاد يرجع ويصرخ في العمارة: شقتي إتسرقت يا جدعااااااااان ..
ثم دخل وظلّ صامتاً للحظات وهو يقلب نظره بين الفرش وبيني وهو لا ينطق إلا كلمة واحدة: إيه ده .. إيه ده؟
ثم أخيرا نظر إليّ بإعجاب كبير جداً وقال: يعني مش تعبانة ولا حاجة .. طيب القمر دي مراتي ولا حد تاني يا مدام؟
أنا: ........؟
وأضاءت ملامح وجهه بالسعادة والحب وهو يهمس لي: يا مجنونة كل ده عملتيه علشاني أنا؟
قلت: طبعاً .. إنت حبيبي، ونفسي أشوفك سعيد معايا .. إن شا الله أهدّ الدنيا علشان تكون راضي عني ..
قال ووجهه يشرق بابتسامة: ربنا يخليكي ليّا طووووووول العمر.

-----------------

ونلتقي غدا في الحلقة القادمة ,,,, انتظرووووووونااااااااااااااا

يوميات اتنين متزوجين (عمر وسارة ) - الحلقة الثامنة


يوميات اتنين متزوجين  (عمر وسارة ) - الحلقة الثامنة
قــالت ســارة:
معقوووول مر شهرين على زواجي أنا وعمر؟
مرو بسرعة جداً .. حياة جديدة في المسؤولية والمشاركة والمشاعر، في كل شيء .. حتى أصدقائي اللي كنت بارغي معاهم بالساعات في التليفون أصبحت لا أراهم ألا نادراً، ولو تكلمنا في التليفون يكون حديثاً سريعاً لألحق كلّ الأشغال اللي ورايا،
وشقتي الجديدة أصبحت مملكتي بجد، وبعد ما كنت أنظف حجرتي في بيت ماما بالعافية وبعد استدعاء البوليس أصبحت لا أطيق أن أري منزلي غير مرتب، وأتخانق مع عمر لو رمي ملابسه أو كتبه كالمعتاد .. رغم أن كتبي وأشيائي الخاصة زمان كانت محتاجة خريطة للوصول لها!!! لكنه هو الحب الذي يجمعك بمكان تشعرين أنـّه ملكك وحدك تكونين فيه على راحتك وتفعلين ما تشائين ..
حتى أن منزل والدي اضطررت أن أبيت فيه ليلة عندما مرضت أمي، بجد لم أستطع النوم، مش عارفة إزاي مش هو نفسه السرير اللي نمت عليه أكثر من عشرين سنة!! إحساس لا يعلم تفسيره إلا الله الذي يريد لنا أن نعمر بيوتاً وبيوتاً حتى نعمر الأرض جميعاً ..
وانا وعمر ومتفاهمين جداً لكن لا يخلو الأمر من غلاسة وتحكم في أشياء تافهة كي يثبت لنفسه أنه سي السيد، ولا أعلق عليها وأجعلها تمر كي لا تصبح كارثة .. شيء واحد هو ما يحيرني ويضايقني فعلا بإستثناء حماتي طبعاً(!!) وهو مصاريف البيت، لا أعرف ماذا يمكن أن يفعل شابان يعملان عملاً شاقاً يومياً كي يوفرا مصاريف الإيجار والأكل والدواء والخروج والمجاملات الخ الخ الخ ...؟!.. طبعا يحتاجان إلى معجزة من السماء كي تحل لهم لغز الأسعار .. وأصبحت بعد أن كنت أصرف مرتبي على العطور والكريمات والمجلات، أصبحت أبحث 10 ساعات قبل أن اشتري زيت الطعام كي أعرف أي نوع أوفر!.. وأصبحت أفاصل مع أي بائع رغم إني كنت باقول لماما دايماً إن ده تصرف بيئة!!! وأصبحت أحمل هم أي مناسبة غير معمول حسابها مثل فرح أو خلافه نضطر آسفين ان نجامل أصحاب المناسبة فيه لأن ده معناه أن بقية الشهر ح نقضيه تونة وجبنة ..
ولكن ليس هذا ما يضايقني فقط، ولكن تصرف عمر الغريب تجاه مصروف البيت هو ما يضايقني جداً .. وهو أنه لا يخصص مبلغ معين لمصروف البيت، وأنا أساعده فيه ونصرف منه سوياً .. لا .. هو يدفع الايجار وبعض الأشياء الأخرى وأنا عندما أقبض مرتبي أسارع لأنفقه كلـّه تقريباً على خزين المنزل من سكر وزيت وخضار ولحوم وخلافه، وهو متقبل ده عادي وبدون مشاكل .. حتى إني طلبت منه مرّة مبلغ كي أشتري شيء للمنزل فرد عليّ ببساطة: ما إنتي معاكي فلوس يا سارة!! هي خلصت؟!!
طبعاً إتضايقت جداً من رد فعله ده .. هل المفروض أن أنهي مرتبي كاملاً ثم بعد هذا هو يساعد!!! الغريب في الأمر أنه غير بخيل، أبداً بل بالعكس لا ينفق على نفسه تقريباً إلا الضروري جداً، ولكن ما يضايقني أنه معتبر مساعدتي في المنزل أمر مفروغ منه وفرض عليّ .. وتحملت هذا الأمر رغم ضيقي منه، أنا أحب أن أصرف على منزلي ولكن بإرادتي وليس فرضاً عليّ .. حتى جاء يوم رجعت من العمل وانتظرته بعد الغداء وقلت له: شفت يا عمر النهاردة بعد الشغل نزلت أنا ووحدة صاحبتي المحلات اللي جنب شغلي، كانت عاوزة تشتري شوية حاجات ..
قال: طيب يا حبيبتي وإيه المشكلة؟
أنا: لا أبداً، لقيت شنطة تحفة نازلة في التخفيض من 70 جنية إلى 50 بس، واشتريتها على طول .. تتصور دي جلد طبيعي ..
فرد بعصبية: إشتريتيها؟ وما قلتيش لي ليه قبل ما تشتريها؟
فاستغربت من رد فعله وقلت: عادي يعني يا عمر، يعني ح اطلبك أقول لك على حاجة هايفة كده؟
قال: خمسين جنية حاجة هايفة؟
أنا: يعني إنت زعلان من المبلغ ولا من إني ما قلتش لك؟
عمـر: الإتنين .. كان لازم تستأذني مني الأول ..
فرددت عليه وقد بدأ صوتي يعلو: عمر إنت بتقول إيه؟ .. دي فلوسي .. أنا ما خدتش منك حاجة علشان الزعل ده كله ..
فصرخ بغضب: فلوسك؟ يعني إيه فلوسك؟ يعني أخرس أنا ولا إيه؟
أنا: أنا ماقلتش كده .. بس ازاي يعني أستأذن قبل ما أصرف أي حاجة؟
عمـر: أنا ياستي معقد نفسياً خلاص .. مش باحب إن مراتي تمسك فلوس وتزعق فيّ وتقول فلوسي ومالكش دعوة والكلام ده ..
أنا: ياسلام .. واشمعني الكلام ده مش بيتقال لما باجيب حاجة للبيت .. ليه مش بتقولي إستأذني؟ ولا علشان دي حاجة ليّ أنا؟
عمـر: دي ضروريات للبيت مش ممكن نستغنى عنها .. إنما الشنطة بتاعتك دلع ..
أنا: والله أدلـّع نفسي مش مشكلة .. وبعدين الضروريات دي مسئوليتك إنت، وأنا إن كنت باساعد في البيت ده مش فرض عليّ ..
قال بعصبيـة: والله أنا قلت من أيام الخطوبة تسيبي الشغل علشان وجع الدماغ ده وإنتي ما سمعتيش الكلام .. واللي كنت خايف منه حصل .. بقيتي بتعلي صوتك عليّ وتقولي فلوسي أنا ..
أنا: هو إنت يا تحبسني في البيت يا تتحكم في كل مليم؟ ده إنت فعلاً معقد على كده ..
إنتفض من مكانه والغضب يتطاير من عينيه وأمسك ذراعي بعنف وصرخ في: أنا معقد؟!! .. طيب أنا ح أوريكي العقد اللي بجد، من بكرة مفيش شغل، ولما أشوف كلامي ح يمشي ولا لأ؟
إرتعبت من نبرته المخيفة وضغطه الرهيب على ذراعي والقسوة التي يتحدث بها فارتجفت، وانهمرت دموعي بلا توقف .. فلانت نبرته قليلاً وزفر بقوة وقال: طيب بتعيطي ليه دلوقتي؟ مانتي كمان زعقتي وجننتيني ..
أنا: ...............؟؟
عمـر: كده ياسارة توصلي حاجة هايفة لحد كده؟ خلاص بقي حقك عليّ ما تزعليش ..
فرددت من بين دموعي: لا مش حاجة هايفة .. ده ربنا قال ذمة مالية منفصلة للمرأة، تيجي انت وتقولي استأذن؟
عمـر: والله أنا عارف ده بس مش قادر أطبقه .. ما أقدرش أستحمل إن مراتي تقولي دي فلوسي وإنت مالكش لازمة .. طيب اعمل إيه؟
أنا: ما اعرفش والله تعمل إيه؟
عمـر: طيب إنتي شايفة إني بخيل ولاّ باصرف على نفسي حاجة؟ ولا إنتي بتطلبي مني حاجة ومش باجيبها؟
فرددت وأنا أمسح دموعي: لأ .. أمّال إيه الفيلم ده طيب؟
قال: أنا يا ستي ما بحبش الست اللي بتعمل كده .. وبعدين أنا مش عاوزك تدفعي حاجة في البيت تاني علشان مش كل شوية تقولي باساعدك باساعدك ..
قلت: بقي أنا باعمل كده؟ الله يسامحك .. وبعدين هو انتا يعني أحسن من الرسول عليه الصلاة والسلام اللي كان بيتاجر للسيدة خديجة في مالها وهي زوجته ولا يخجل من أن يعلن إن ده مال زوجته؟ وفين؟ في قريش عز التعصب والجهل؟
عمـر: ياستي أنا ما اقدرش أوصل للمنزلة دي .. ولو الموضوع ده ح يجيب مشاكل ح أقعدك من الشغل فعلاً ..
أنا: من فضلك يا عمر ما تكبرش الموضوع كده .. أنا فعلا زعلانة منك جداً ومستغربة تفكيرك جداً ..
عمـر: حقك عليّ إني انفعلت عليكي، إنتي عارفة قد إيه بحبـّك .. لكن مش ح أقبل أبداً إني أكون على الرف أو حاجة تحصل في بيتي من غير موافقتي، حتى ولو حاجة هايفة؟
أنا: .............؟؟

مرّت أيام وأنا وعمر متخاصمين .. يعني بنتكلم في الضروريات بس .. لكن من جوايا أنا زعلانة منه جداً من عصبيته وموقفه الغريب وتفكيره الأغرب .. المشكلة إني متأكدة إنه مش بخيل ولا طمعان فيّ .. بس مش قادرة أفسر تفكيره لحد دلوقتي .. تحكم والسلام؟! .. ولاّ خوف من الفلوس إنها تقويني فأبعد عنه؟!! وكأن اللي رابط أي زوجة بزوجها هي إنه بيصرف عليها فقط .. ولو هيّ معاها فلوس حتقدر تعيش من غيره وتسيبه بسهولة!! بجد حاجة تجنن!! طيب وستات البيوت بيطلّقوا ليه لما هي الحكاية كده؟ .. مش معقول التفكير المقلوب ده ..
عمر حاول يصالحني لكني لم أستطع أبداً .. لأني حاسة إن الصورة اللي كانت في خيالى إتهزت لأن موضوع الفلوس بين الزوجين ده حساس جداً، ودايما الزوجة بتكون راسمة لزوجها وحبيبها صورة الفارس النبيل الذي لا يتكلم قط في المال، لأن ده شيء بينقص من قدره كرجل، ودائماً تدور في عقلي عبارة الافلام الشهيرة: أنا برضه أمد إيدي لفلوس واحدة ست؟؟؟ .. فأصبح الأمر مقترن بالرجولة في نظري ..
ولكن ظروف المعيشة البشعة الآن غيرت من شكل الصورة وجعلت الرجل مضطراً لعمل زوجته ومساعدتها له، والزوجة أيضا تقبلت هذا و تسعد عندما تفعله .. ولكن للأسف لم يتخلى الرجل عن الصورة القديمة في خياله بأنه صاحب المال والآمر الناهي الأوحد .. فأصبح يعذّب زوجته بحملين؛ حمل المشاركة وحمل التحكم ..

قــال عمــر:
سارة وحشة أوي وهي زعلانة .. صحيح هي لم تقصـّر في أي حق من حقوقي في البيت، وأجد طعامي وملابسي وكل شيء مرتـّب وترد عليّ عندما أسألها عن أي شيء .. ولكن روحها المرحة الدافئة والحيوية التي تنطق من عينيها والتي تجعلني أذوب فيها إختفت!! وحل محلها لوح زجاج بارد لا يعبر عن أي شيء ..
حاولت مصالحتها بلا جدوي .. ياربي أعمل ايه؟ بس أنا كمان مش قادر أنفذ اللي هي عاوزاه!! يعني إيه أكون قاعد في البيت ألاقيها داخلة وشارية غسالة مثلاً وتقولي وإنت مالك؟ دي فلوسي، أقعد كمل الشاي اللي بتشربه وخليك في حالك!!
معقول أستحمل كده؟ ولو كنت فوّت حكاية الشنطة كان حيبقي ده العادي .. أنا مش طمعان في فلوسها أبداً لكني مضطر لمساعدتها في البيت علشان ما نزورش السيدة أنا وهيّ كل يوم جمعة .. بس أعمل إيه .. تحت هدومي الكاجوال لسه فيه صدري جدي الصعيدي .. مش قادر أتقبل الموضوع خالص .. وهيّ كمان معذورة، وشكلي وحش قدامها .. برضه أنا انفعلت بصورة غبية!! ومش قادر أعيش من غير دفء عينيها وحنيتها .. طيب ما هي مش عاوزة تصالحني .. أعمل إيه؟؟ .. شغّل التفانين يا واد يا عمر دي سارة حبيبتك ..

قــالت ســارة:
ذهبت إلى عملي كالمعتاد وأنا ماليش نفس لأي حاجة في الدنيا، وطبعاً كان باين على وشي جداً فكل واحدة ظريفة تيجي تسألني بحشرية: إيه إبتدينا نكد الجواز ولا إيه؟؟؟ قلنا كده قالوا اطلعوا من البلد ..
انا مش عارفة كل واحد ما بيحطش لسانه جوة بقه ليه؟ .. يا سااااتر ..
خلاص الساعة 2 كلها ساعة وأروّح .. موبايلي بيرن .. إيه ده؟ ده عمر .. خير؟
أنا: ألو أيوة يا عمر؟
فرد بصوت أقلقني: أيوة يا سارة، إزيك يا حبيبتي؟ إنتي كويسة؟
قلت: الحمد لله .. فيه إيه يا عمر؟
عمـر: مفيش حاجة، بس ح اعدي عليكي بعد ساعة .. إستأذنت من شغلي بدري وح أجيلك .. إستنيني ..
أنا: إيه فيه إيه؟ .. إنت رعبتني كده؟
فرد بغموض: لما آجي ح تعرفي!! مع السلامة ..

يارب سترك يارب .. دي أوّل مرة يعملها .. أكيد بابا تعب وهو مش عاوز يقول لي .. ولا ماما؟!! لا بجد حرام كده .. حاولت الإتصال به ألف مرّة بلا جدوى .. لا يرد، مما أكـّد شكي بأن مصيبة قد حصلت .. يارب أستر يارب ..
وأخيييييراً جاء بعدما أصبحت على وشك الإنهيار .. ولكنـّي وجدته في قمـّة الشياكة مرتدياً القميص المفضـّل عندي وكمان البرفان اللي باموت فيه!! إيه ده؟ طبعا لو كانت والدته هي اللي تعبانة كان جه بالبيجاما!!! لا وكمان رايق وعمّال يسلم على زمايلي ويوصيهم عليّ!! لا بجد .. لو ما قالش فيه إيه ح اخبطه بحاجة في دماغه حالاً ..
وأخيراً سلم عليّ بحرارة وهمس في أذني: وحشتيني .. وأخذني وانصرفنا .. وزميلاتي لسان حالهن يقول: جتنا نيلة في حظنا الهباب ..
وفي السيارة كان ح يغمي على من شدة القلق وسألته: أبوس إيدك قولي فيه إيه، أنا خلاص ح أموت .. ماما ولا بابا اللي تعبانين؟
فرد بلهجة المحقق كونان: إطـّمني همّ بخير، أنا واخدك لمشوار مهم جداً وما تسأليش على أي حاجة دلوقتي لحد ما نوصل ..
فخف قلقي قليلاً وإن لم يختفي تماماً .. ولكني راقبت ملامح الغموض المرسومة على وجهه وهي ممزوجة بوسامته الظاهرة اليوم .. فلاحظ أني أراقبه فسألني: إيه وحشتك؟ .. فلم أرد ومديت البوز المتين .. وأغمضت عيني، ولكنـّي رأيت صورته ما زالت مرسومة بداخلها ..
ياه الظاهر إني نمت شوية .. إيه ده؟ أنا فين؟ في الجنة؟ وأفقت لأجد القاهرة كلها تحت مستوى قدمي في منظر خلاب وجو رائع ونسيم يداعب المشاعر .. وعمر ينظر لي بحنان ويقول لي: صح النوم .. يالاّ انزلي بسرعة ..
سألته: إيه ده إحنا فين؟
رد قائلاً: في المقطـّم يا حبيبتي .. مش كان نفسك تشوفيه من زمان؟
قلت: هو ده المشوار المهم؟؟ ح نعمل إيه هنا؟
قـال: هشششششششش .. كفاية أسئلة وتعالي ..
ومشيت وراءه وأنا أبعد يده التي تحاول الإمساك بيدي والبوز مازال موجوداً ..
ودخلنا إلى كافيتريا لم أرى في جمالها من قبل .. كل حوائطها مستبدلة بزجاج دائري كي تري القاهرة من كل أركانها، وكل الأضواء أستبدلت بشموع تعطي الجو رومانسية وسحر غامض .. وأخذني الى طاولة بعيدة وجلسنا، وأنا لا أستطيع النطق بعد ما رأيته .. ونظر إلى عيني مباشرة وقال لي ثانية: وحشتيني ..
أنا: ..............؟
عمـر: بحبك ..
أنا: ........؟
عمـر: مش عاوزة تردي عليّ؟ طيب أنا آسف ..
أنا: خلاص يا عمر، أنا مش زعلانة .. أنا نسيت الموضوع خلاص ..
قـال: واضح جداً بدليل البرود اللي بتعامليني بيه .. ياريتك خاصمتيني .. لكن إنتي إستعملتي أسلوب ذكي جداً ما قصرتيش في أي حاجة .. ولما أكلمك بتردي عادي .. لكن إنتي في دنيا وأنا في دنيا تانية .. ودي حاجة ممكن تموتني .. فين سارة حبيبتي؟
قلت: أيوة حبيبتك أوي .. بدليل إنـّك مش عاوزني أشتري لنفسي حاجة، ولازم أرفع صباعي وأستأذن قبل ما أشتري حاجة ..
قـال: يا حبيبتي أنا نفسي أجيب لك كنوز الدنيا وأحطهم تحت رجليكي .. بس إنتي عارفة الظروف .. وأنا مش عاوز أتحكم فيكي ولا حاجة .. دي حاجة نفسية جوايا بتخليني عاوز أعرف كل حاجة بتعمليها، وتحسسيني إنك مش بتعملي حاجة إلا لما أعرفها الأول ..
قلت: بس دي حاجة تخنق ..
قال: بصي يا سارة .. أنا بخيل؟
رديت: لا ..
قـال: عيني زايغة؟
رديت: لا ..
قـال: بأعامل أهلك وحش؟
رديت: لا ..
قـال: بأعاملك إنتي وحش قدام الناس أو حتى بيننا؟
رديت برضه: لا ..
قـال: مش عارف ربنا كويس؟
قلت: الحمد لله ..
قـال: طيب يا ستي إعتبري موضوع الفلوس ده عيب فيّ وخديني على قد عقلي فيه وريحيني .. وأنا اوعدك إني عمري ما ح أحرمك من حاجة أبداً بس عرّفيني الأول .. إتفقنا؟
إنكسفت جداً من إني أريده كاملاً بلا عيوب .. من تكبيري الموضوع بالشكل ده ..
ورددت عليه: إتفقنا يا حبيبي ..
قال وابتسامة فرحة تملأ وجهه: الله أكبر .. أول مرة تنطقيها من أسبوع .. أيوة كده خلي الشمس تطلع يا شيخة ..
قلت: خلاص بقى .. فرجت علينا الناس ..
قال: طيب غمضي عينكي، أنا جـِبت لك هدية .. بس ما تتعوديش على كده أحسن ح نشحت بالشكل ده!! إتفضلي يا ستي ..
فتحت العلبة التي قدمها وهتفت: الله .. إيه الصندل الجميل ده؟
قال: ده يا ستي علشان يليق على الشنطة اللي إشتريتيها .. بس زي ما إتفقنا ح تعرفيني الأول على أي حاجة .. خلاص يا حبيبتي؟
رددّت بكسوف: خلاص يا شهريار ..
فردّ بلهفة: شهريار؟!!! الله أكبر ..
ثم نظر لي وقال: سارة إنتي لازمك الغدا هنا أوي؟ .. ولاّ ممكن نروّح دلوقتي؟!!!