الخميس، 14 مارس 2019

يوميات اتنين متزوجين - الحلقة السابعة عشر

#يوميات_اتنين_متزوجين - الحلقة السابعة عشر 
#يوميت_عمر_وسارة

قــالت ســارة:
لن أنسى تلك اللحظة التي أخبرني فيها عمر بعدم اختيار الشركة لتصميمه .. وقتها تماسكت ولم أنفجر في البكاء كما كنت أتمنى .. واجتهدت أن أخرج صوتي طبيعي وأنا أكمل إجابته: وما اختاروش مشروعك مش كده، طيب وفيها إيه؟ ماهو الإحتمال ده كنا متوقعينه برضه؟ إيه المشكلة؟ فردّ عليّ عمر وكأنـّه كهل عجوز يحمل الدنيا فوق كتفيه: إيه المشكلة؟! إيه البساطة دي؟!! المشكلة إنـّنا خسرنا كل حاجة .. إنتي خسرتي كل ذهبك، وأنا خسرت ثقتي في نفسي، وشكلي أمام الكل، وخسـّرتك معايا كل حاجة ..
فرددت بمرح: الكل مين يا حبيبي؟ أنا بس اللي عارفة الموضوع ده .. وبعدين تفتكر شكلك ح يتهز قدامي من محاولة خسرتها؟ .. ده إنت الدنيا وما فيها يا حبيبي، وفداك دهب العالم كله ..
فلم يستطع النظر إلى عيني، وأشاح وجهه عني كي لا أرى دموع عينيه: أرجوكي يا سارة، إنتي بتزودي إحساسي بالذنب بكلامك ده ..أنا خذلتك وضيعت كل حاجة، وربنا يقدرني وأعوضك .. أنا آسف آسف آسف ..
فأخذت أقرأ آيات القرآن على جبينه كي يهدأ، وأنا أطلب من الله القوة والعون كي لا أنهار مثله .. من يقول عن المرأة أنها أضعف من الرجل؟ .. إنه مطلوب منها أن تكون زوجته وحبيبته وأخته وصديقته وأمه أيضاً .. فهداني الله لفكرة من الممكن أن تهدئه قليلاً، فقلت له: يا ريت كلّ الخسارة تكون في الفلوس .. تخيل لو إنـّك حصل لك حاجة حنعمل إيه أنا وإبنك في الدنيا؟ ربنا يخليك لنا ألف سنة .. أنت لسه بكامل صحتك وفي عز شبابك .. وتستطيع فعل المعجزات .. تخيل لو فقدت هذه الصحة وكسبت المشروع؟ أيهم سيسعدك أكثر؟
فهدأ قليلا لكلامي ولكنه رد بألم وقال لي: أنا آسف يا سارة 


.. ولكنك لا تعرفين إحساس الرجل عندما يشعر أنه صغير في عين من يحب .. كان نفسي أفرحك والله ..
فرددت بمكر وبحزن مفتعل: طيب يا عمر أنا ما كنتش عاوزة أقول لك، بس خلاص بقى، الحقيقة الدكتور قال لي أن البيبي ممكن تكون فيه تشوهات ..
نسي كل شيء وصرخ بلهفة: إيه؟ بتقولي إيه؟؟ لا إله إلا الله ..
فضحكت لنجاح خطتي وقلت له: ضحكت عليك .. الولد كويس وزي العفريت، ومطلـّع عيني ياسيدي .. شفت بقي إن المشروع ممكن يتعوض وفيه حاجات تانية لا يمكن تتعوض؟
فرد بإيمان: الحمد لله .. فعلا الشيطان ينسينا النعم الكثيرة التي ننعم بها، ويذكرنا فقط بما فقدنا .. ربنا يخليكي لي إنتي ويحيى ..
تساءلتُ باستغراب: مين يحيى ده يا باشا؟
قـال: إيه رأيك في الإسم ده؟ ده الإسم الوحيد من كل أسماء الكون اللي ربنا عز وجل إختاره بنفسه لنبيه زكريا .. لم نجعل له من قبل سمياً .. وبقية الأسماء من اختيار البشر .. وبعدين قصة سيدنا يحيى تكشف شخصية نورانية تعشقيها من كثرة صفائها، لدرجة إن كل المخلوفات كانت تسبح معه عندما يسبح الله .. وكمان مات شهيداً .. ايه رأيك يا حبيبتي؟
قلت بابتسامة: خلاص موافقة يا أبو يحيى ..

استيقظتُ من نومي وأنا أعاني من آلام متفرقة في كلّ جسدي .. تقريباً لم أنم طوال الليل .. ظللت أتقلب ولم أستطع النوم إلا لدقائق معدودة، كما هو حالي منذ عدة أيام .. وأبكي في كلّ حركة من ثقل جسدي، حتى أنـّني كلّ يوم أتمنى أن ألد في نفس اليوم لأتخلص من هذا العذاب .. سبحان الله، وكأن التعب يزداد في الأيام الأخيرة كي تتغلب الأم على خوفها من الولادة وتتمناها أن تحدث .. آه .. أكاد أموت من الرعب عندما أتخيل هذه الساعات، وأقرأ دوماً سورة الزلزلة، وبعض آيات سور الرعد وفاطر التي تساعد على تيسير الولادة كما قالوا لي .. ولا ترحمني أي واحدة من قريباتي عندما أخبرها بخوفي من الولادة، بل تقصّ على قصصاً مرعبة عن أنها كادت تموت .. والأخرى التي تمزقت من الألم لساعات طويلة .. والثالثة التي كادت تقتل الطبيب والممرضات .. إيه يا جماعة الرعب ده؟ طيب أعمل إيه يعني؟ أفضل حامل على طول ولا أعمل إيه؟
“سارة سارة سارة .. تعالي بسرعة” ..
إيه ده عمر بيصرخ كده ليه؟ .. هرولت إليه، ولكن بسرعة السلحفاة طبعاً، وأنا أهتف: مالك يا عمر خير؟
عمـر: أنا مش مصدق نفسي يا سارة .. بجد مش مصدق ..
أنـا: إيه يا عمر فيه إيه .. أنا ولدت وأنا مش واخدة بالي؟
فأجاب وقلبه يكاد يتوقف من الفرحة: لا .. فاكرة الشركة اللي صممت لها المشروع ولم يختاروه؟
فرددت بتململ وأنا أخشى من فتح هذا الموضوع: مالها؟ عاوزين إيه تاني؟
عمـر: إتصلوا بي وقالوا إن فيه مقابلة النهاردة الساعة 6 مساءاً لأصحاب التصميمات المتميزة اللي ما فازتش، لاختيار مهندسين للتعيين في الشركة بمرتب كبير ..
نسيت تعبي وإرهاقي وهتفت: بجد؟ الحمد لله .. ودي فيها مميزات أحسن من شركتك؟
عمـر: إنتي بتهرّجي؟ .. مفيش مقارنة طبعاً .. دي ضعف الراتب وأكثر .. وكمان بالدولار .. والأهم من كده إن نظام الترقية فيها زي كلّ الشركات متعددة الجنسيات، بالمجهود مش بالأقدمية زي عندنا .. يعني ممكن في خلال شهور أكون مدير تنفيذي مثلاً .. بجد مش مصدق نفسي .. إدعي لي يا وش الخير ..
أنـا: ربنا يكرمك ويوفقك .. إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً .. إن شاء الله حيختاروك .. ده رزق يحيى مش وشي أنا .. يالاّ قوم صلي ركعتين قضاء حاجة لله قبل ما تروح واتكل على الله .. ربنا وكيلك ومش ح يضيعك أبداً ..
وانصرف ليصلي ويستعد للخروج وأنا أدعو الله له .. وفجأة شعرت بضربة ألم حادة تشمل جسدي كله وتتركز في منطقة الرحم، وكاد توازني أن يختل من شدة الألم المفاجىء، واستمر دقائق مرّت على كساعات .. ثم اختفى تدريجياً وأنا لا أكاد أستطيع التنفس من شدة الألم، حتى بعد ذهابه ..
وحاولت تناسيه بأن ذهبت لأصلي خلف عمر جماعة كي ندعو الله سوياً أن يكرمنا ويكتب لنا الخير .. وأطال عمر الدعاء بعد الركوع وأنا أؤمن على دعائه بكلّ ذرة في كياني .. ثم سجدنا .. وجاء الألم العاصف مرة أخرى وأنا ساجدة .. يا الله، جسدي يتمزق ولا أقوى حتى على رفع رأسي .. وكتمت صرخة ألم كادت تفلت مني، ودعوت الله وأنا أبكي وأشعر أنـّني ضئيلة ولا أقوى على شيء أمام جند صغير من جنود الجبار؛ ألا وهو الألم .. ولا أعرف كيف نطقت التشهد الأخير، ولكن الألم بدأ في الاختفاء عند نهاية الصلاة .. واستدار عمر إليّ وفزع من شحوب وجهي الرهيب، والعرق المتناثر على وجهي، وسألني بجزع: مالك يا حبيبتي؟ إنتي تعبانة؟ بتولدي ولا إيه؟
لم أشأ أن أخبره كي لا يضيع فرصة عمره ويبقي بجواري: لا يا عمر، ده السجود بس بيتعبني أوي .. بعد كده ح أصلي وأنا قاعدة .. يالا قوم إستعد واتكل على الله ..
قال عمر بإصرار: أرجوكي يا سارة، لو تعبانة قولي وأنا أسيب مواعيد الدنيا علشانك ..
حاولت الإبتسام وأنا أرد عليه: يالاّ بلاش دلع .. لسه أسبوع كامل على ميعاد الولادة .. أنا كويسة خالص وحادخل أنام كمان ..
فصدقني وانصرف وأنا أدعو له .. وما كاد يغلق الباب وراءه حتى عاد الوحش ثانية .. وانهمرت دموعي وكدت أتخلى عن شجاعتي المؤقتة وأناديه كي لا يتركني وحيدة وهذا الألم يفتت كل ذرة في جسدي، وكتمت أنفاسي في وسادة وصرخت بكل قوتي من شدة الألم ..
إنتظرت حتى اختفى، وكلمت أمي وأنا أبكي، وقبل أن أشرح لها أي شيء فهمت أنـّني ألد، وأخبرتني أنـّها ستأتي على الفور مع أبي .. وطلبت مني أن أبدل ملابسي وأحضر حقيبة المولود وأستعد للذهاب الى المستشفى أول ما يوصلوا .. وجريت قبل أن يأتي الإعصار مرة أخرى وبدلت ملابسي، وكنت جهـّزت حقيبة يحيى من قبل ولم أنس الآيس كاب واللوشن .. آه لا أستطيع حتى الإبتسام .. أين أنت يا عمر كي أحتمي بك من الزلزال الذي يأتيني بلا رحمة؟

قــال عمــر:
أين أنتي يا سارة؟ .. ياليتك كنتي معي .. دقائق الإنتظار قاتلة والجميع يبدو على وجوههم علامات القلق الشديد .. ولكن العدد ليس كبيراً .. يارب .. يارب .. يارب ..

قــالت ســارة:
وأخيييييراً وصل ماما وبابا وأنا تكاد روحي تخرج من حلقي من شدة الألم الذي يزداد عنفاً كل مرة وتتقارب نوباته حتى تكاد تلتحم .. وما أن رآني أبي في هذه الحالة حتى أجهش في البكاء، وضمني إليه وكأنـّه يهدهد طفلته الصغيرة التي ستصبح أماً .. أما ماما فكانت متماسكة جداً وكأنها تحولت فجأة إلى طبيبة نساء وهي تسألني عن مدة الألم وتباعد نوباته، وعندما أخبرتها .. قالت لي بهدوء: لسه بدري .. أقعدوا وأنا أعمل لكم شاي .. أصل البكريّة بتطول شوية ..
فكدت أصرخ، ولكن بابا سبقني وصرخ فيها هو: يالاّ على المستشفى بسرعة، يمكن يدوها مسكن ولا يريحوها بأي شكل ..
فردت أمي بسخرية: مسكن.! .. ليه؟ حتعمل اللوز؟ أصل الولادة دي…..
ولم يمهلها أبي عندما رأى نوبة الألم تجيئني بلا رحمة حتى لم أستطع الوقوف على قدمي، فحملني كالطفلة الصغيرة وهرع خارج المنزل وأمي لا تكاد تلاحقه ..

قــال عمــر:
يارب ما هذا الإحساس؟ الله يكون في عونك يا سارة .. أنا أشعر وكأن مستقبلي كله سيولد من هذا المكان كما ستلد هي ابننا .. آه ما أصعبه من شعور .. يالله يا مغيث ..

قــالت ســارة:
يا الله يا مغيث .. يارب أغثني من هذا العذاب ..
علمت الآن لم تمنـّت السيدة مريم الموت قبلاً عندما جاءتها آلام الولادة وهي خير نساء العالمين .. ماذا سأفعل أنا؟ ألا يوجد سبيل لأن يخفت الألم قليلاً؟ قلبي يكاد يتوقف ..

قــال عمــر:
قلبي يكاد يتوقف من القلق عند كل سؤال يسأله لي المدير الأجنبي .. وأتمتم بآيات القرآن وكل الأدعية التي أعرفها .. يارب .. يارب ..

قــالت ســارة:
يارب .. يارب .. أنا خلاص مش عاوزة أولد رجعت في كلامي .. لأ حرام حاموت .. بجد مش قادرة .. طيب ح أولد أمتى؟ ولا مجيب ..
الدكتورة فحصتني وقالت باقي حوالى ساعتين .. إيه؟ ساعتين كاملتين في هذا العذاب؟
الدقيقة تسوي دهر كامل .. يارب مش قادرة خلاص ..

قــال عمــر:
يااااه مش قادر خلاص على هذا الإنتظار المدمر للأعصاب .. المدير يتفحص السيرة الذاتية الخاصة بي بدقة بعد عشرات الأسئلة الدقيقة .. ثم إبتسم أخيراً وأخبرني أن أكون مستعداً للعمل معهم الأسبوع المقبل .. يالله .. يكاد نبضي يتوقف من شدة الفرح .. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وطلبت سارة لأبشرها وأشركها سعادتي .. ردّت عليّ والدتها وأخبرتني بأن سارة بتولد في المستشفى ..
يعني كانت تعبانة فعلاً قبل ما أنزل وما رضيتش تقولّي علشان ما أضيعش مقابلة العمل .. وتحملت كل هذا العذاب وحدها من أجلي؟ .. يارب كيف أكافيء هذا الملاك؟!!
أخيراً وصلت المستشفى بعد ما كسرت عشر إشارات واتخانقت مع كل الدنيا علشان يفتحوا لي الطريق، وأكاد أصرخ في وسط الشارع: مراتي بتولد ياااااااااااا عالم .. ووصلت لها لأجدها تحولت إلى كتلة ألم .. والعرق الغزير يغطي جبينها، والمحاليل تخترق كل جسدها، وأبوها يبكي ويتلو القرآن، وأمها تروح وتذهب مع الطبيبة وتأتي لها بأغراضها .. فلم أتمالك نفسي عندما رأيتها، وقبلت يديها أمام الجميع وبكينا سوياً .. وهمست في أذنها بأنـّي عينت في الشركة الجديدة، فحمدت الله في وهن ..
وجاءت الطبيبة تخبرنا أنها ستنقلها إلى غرفة العمليات .. فطلبت أن أكون معها .. ودخلنا وهي تصرخ من الألم العاصف، وأنا أشد على يديها وأهمس في أذنها بكلمات الصبر والتشجيع، وأذكرها بكل لحظاتنا الجميلة التي تشاركناها .. وهي لا تكاد تعي ما أقول .. ولكنـّها تقبض على يدي بكل قوة وكأنـّها تخشى أن أتركها ثانية .. وتمر الدقائق طويلة وأنا وهي نكاد نصبح كياناً واحداً صهره الألم بين يدي الرحمن .. نسأله أن يرزقنا قطعة منا ..
ويمر الوقت ثقيلاً حتى جاءت البشرى .. صوت بكاء إبننا يشقّ الكون وكأنـّه يعلن للعالم وجوده ..
أخذته الطبيبة ولفّته بعناية ووضعته في أحضان سارة وأحضاني .. وأخذنا ننظـر إليه بحنان بالغ وقد زال كلّ ألم سارة عندما رأته .. اخذنا نتلمـّسه غير مصدقين أن رحمة الله وعطاءه تتجسد في هذا الكائن مغمض العينين، جميل الوجة كأنه أحد الملائكة .. وحملته بحرص وتلوت كلمات الآذان والقرآن في أذنيه حتى استكان بين يدي وكأنه يعي نداء خالقه ..
وأخذته سارة وسالت دموعها وهي تتلمس قطعة منها نما بجوار قلبها، وقالت بصوت واهن ولكن سعيد: حلو أوي مش كده يا عمر؟
فرد الأب بداخلي لأول مرة: تبارك الله أحسن الخالقين .. أجمل كائن في الدنيا رأته عيني .. ربنا يخليكوا ليّ إنتي وهو يا أم يحيى .. يا أغلى انسانة ليّا في الوجود ..

-تمت بحمد الله-

يوميات اتنين متزوجين الحلقة السادسة عشر

يوميات اتنين متزوجين -الحلقة السادسة عشر
يوميات عمر وسارة 

قــالت ســارة:
أخيراً إستلمت عملي الجديد بعد طول إلحاح من عمر على مديره، وبعد أن وافق المدير مقابل تخفيض جزء من الراتب، لأنـّني لن أحضر وسأعمل من البيت .. لكن مش مهم .. عندما أحسب تكاليف المواصلات والشاي والقهوة إلخ إلخ التي كنت أصرفها في عملي القديم أجد أنـّني أنا الكسبانة .. ولكن العمل ليس سهلاً كما كنت أتخيل، فهو يتطلب يقظة دائمة ولباقة كبيرة في طريقة الكتابة والتعامل مع العملاء .. وكنت أظن أنـّني سأستيقظ كما يحلو لي وأعمل وقت ما أريد، ولكني إيميلي الذي صنعته خصيصاً للعمل مفتوح دائماً على إيميل مدير المشروع ليرسل لي الأوامر كل لحظة .. وكان في البداية يكتب لي في كلمات مختصرة ماذا أفعل؛ أرسلي فاكس العمرانية، ولا تنسي كذا، وذكريهم بكذا، وموعد كذا .. وبعد مرور شهر واحد فقط أصبح يخاطبني بالكلمات فقط؛ فاكس العمرانية، ثم ينهي المحادثة ..
خايفة بعد مرور شهر كمان يرسل لي رموز؛ ظ: يعني عملاء السلام .. و ق: يعني عملاء المريخ ..
لكنـّني سعيدة جداً بهذا العمل، وقادرة على القيام بأعمال منزلي في نفس الوقت، فأكون بأسلق اللحمة وأنا بابعت الفاكسات، وبأقشر البطاطس وأنا بأرسل بالعروض للعملاء .. وكمان خفـّف قليلا من ضغط المصروفات علينا .. وخصوصاً أن عمر حالته النفسية والمزاجية صعبة جداً بسبب المشروع الذي يصممه ..

قــال عمــر:
“أنا اللي جبت ده كله لنفسي” ..
تدور هذه العبارة دائماً في بالي وأنا أعمل في التصميم الخاص بالمسابقة .. لماذا أدخلت نفسي في هذه المشكلة؟ ماذا لو لم ينجح التصميم؟ أكون ضيعت ذهب سارة وتحويشة العمر بلا جدوى؟ ..
هذه الفكرة عندما أصل لها أكاد أصاب بالجنون، وتجعلني في غاية العصبية .. والمسكينة سارة تقابل كل نوبات غضبي وعصبيتي الرهيبة بالهدوء والاحتمال .. ولا تكاد تمل من التشجيع .. ولا يتوقف أملها أبداً ..
آه لو أرى الدنيا بنظرتها الطفولية المتفائلة، سأفعل المستحيل .. 


ولكن علمي بظروف التعاملات التجارية تجعلني أشك في أنهم سيختارونني أنا وسيأخذون أحد الأسماء اللامعة مسبقاً .. عندما أصل إلى هذه النقطة أكاد أبكي مثل الأطفال، وأترك كلّ العمل وأنزوي وحدي .. ولكن ملاكي الحارس تأتيني لتمسح عني كل الاكتئاب واليأس، وتبث في روح جديدة خلاقة تجعلني أعمل من جديد ..
علمت الآن لماذا كان الرسول صلي الله عليه وسلم يستعيذ من عجز الرجال، وكنت أتعجب من علاقتها ببقية الدعاء .. إن هذا العجز أصعب من كل شيء .. يارب لا تخذلني ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين .. أنت وكيلي يارب وأعلم أنك لن تضيعني ..

قــالت ســارة:
“أنا اللي جبت ده كله لنفسي” ..
أتذكر هذه العبارة كلما همّ عمر بالقاء كوب شاي في وجهي إذا دخلت عليه وهو يعمل .. أو وصوته يهدر كالرعد عندما يجد الملح ناقص في الطعام بعض الشيء .. فأغلي من داخلي، ولكنـّني لا أستطيع أن أظهر غضبي منه، بل بالعكس، أهدئه وأضحك معه بأن المرة القادمة ينبهني قبل أن تنفجر القنابل في صوته كي أغلق الشبابيك أولاً .. فيهدأ ويعتذر عن توتـّره الرهيب .. ولكنـّني أخشى عليه من كل هذا .. وأعلم أن الرجال لا يستطيعون التركيز في أكثر من شيء واحد، بعكس النساء .. ولكنـّني أحياناً أستسلم لليأس أنا الأخرى، ولكنـّني لا أشعره به أبداً، بل أشعره انه أفضل مهندس في العالم، وتصميمه ح يكسر الدنيا ..
والمشكلة أنـّني أحمل كلّ هذا الجبل من المسؤولية وحدي، فلم نخبر أيـّاً من الأسرتين بهذا الموضوع كي لا يضغطوا على أعصاب عمر ويتهمونه بتبديد مدخراتي .. وحتى أمي لاحظت أنـّني لا أرتدي سوي دبلة زواجي، فسألتني عدة مرات عن ذهبي، فكنت أرد بمزاح: هو لسه فيه حد يا ماما بيلبس دهب؟ ده بقي مش ستايل خالص ..
وكانت تبتلع إجاباتي مضطرة، وتنظر لي نظرة ذات مغزى وكأنها تعلم كل شيء ..
يا رب كن معنا .. نحن ضعاف وأنت قوتنا .. نحن خائفون وأنت ملاذنا .. نحن صغار وأنت وكيلنا ..
-
-
“سارة .. سارة .. سارة .. إلحقي يا سارة تعالي بسرعة ..”
قمت من مكاني منتفضة على صوت عمر المدوي والذي يرقص من الفرح وأنا أتساءل: خير خير .. فيه إيه يا حبيبي؟
رد عليّ قائلاً: كلمت سكرتير الشركة الجديدة لأطمئن على الأحوال، فبشرني أنـّهم نظراً لضخامة المشروع سيأخذون أفضل ثلاثة تصاميم، وليس تصميماً واحداً ..
فرقصت من الفرحة وأنا أصرخ: بجد؟!! الحمد لله .. الحمد لله .. كده فرصتك بقت كبيرة أوي ياعمر .. يالا شد حيلك وبلاش كسل ..
فقال بصوت ينفجر حماسة: أيوة فعلاً مفيش وقت خلاص .. والله يا سارة مش عارف من غيرك كنت ح أكمل ازاي .. لو كنت لوحدي كان زماني يئست وسبت الموضوع كله .. ربنا يخليكي ليـّا ..إ نتي استحملتيني كتير أوي ..
فرددت بفخر: بس خليك فاكرها!! يا حبيبي إنت مستهين بناس ربنا وكيلهم؟ إزاي يعني؟ وبعدين إنت بجد عبقري .. وبكرة تقول سارة قالت ..
فهمس لي بنظرة ذات معنى: بجد؟ يعني إنتي شايفة كده؟
ففهمت ماذا يقصد وقلت له بلهجة آمرة: يالا يا سيدي مفيش وقت للدلع، عاوزاك تشتغل زي النار .. يالا إنت لسه قاعد؟ إيه الرجالة اللي ما بتسمعش الكلام دي؟ ولا عاوزني أزعق لك قدام إبنك؟
فوضع يدي على بطني المنتفخة وكأنه يشرك إبننا في الحديث معه: والله إنتوا الإتنين وش الخير عليّ .. وأنا حاعمل المستحيل علشان أسعدكم ..
وتركني وانصرف لعمله .. وتلمست بطني كأنـّني ألمس صغيري وأعتذر له أنـّني إنشغلت عنه .. وأخذت أناجيه وأحكي له عن كل ما يشغلني و كل ما أشعر به تجاهه كما أفعل دائماً .. وكيف لا وهو يشاركني نبضي؟
ترى يا صغيري ماذا سيكتب لنا الله؟
هل سنحقق نجاحا كأسراً ونحقق أحلامنا؟
أم ……..؟

دخلتُ في شهري التاسع، أصعب شهور الحمل على الإطلاق، وأخبرنا الطبيب أنـّني حامل في ذكر .. انتفخ جسدي، وتورمت قدماي، وأصبحت أسير بصعوبة من ثقل الجنين .. سبحان الله .. هل لابد من كل هذا العذاب كي تشعر الأم بغلو إبنها؟
أعتقد أنّ هذا هو السبب .. أتخيل لو لم يكن هناك حمل وتعب رهيب وتذهب الأم إلى المستشفى وبعملية بسيطة مثل اللوز مثلاً تستيقظ لتجد إبنها بجوارها أكيد لن يعجبها وستصرخ في الطبيب: إيه ده؟ ماله أسمر كده؟ لا شوف لي واحد مقلّم ..
لكن عندما ينمو بجوار قلبها يوماً بعد يوم، ويشاركها الأنفاس والطعام والنبض والنوم وكل شيء، أكيد لو خيروها بينه وبين عيونها لاختارته ..
ويا رب صبرني على هذا الجهد .. فلا أكاد آكل أي شيء إلا وشعرت بنار داخل جوفي تحتاج المطافي من ضغط البيبي على المعدة .. ولا أستطيع النوم على ظهري إلا وشعرت بأنفاسي تكاد تختنق من ضغطه على الرئتين .. ولا أستطيع المشي إلا وأشعر أن قدماي المنتفختان تئن من ضغط الباشا عليهما .. طيب أروح فين يارب من هذا الإحتلال لكل جسدي؟ ولكنه أجمل احتلال ..

قــال عمــر:
أووووووووووف .. أخيراً سلّمت المشروع، والنتيجة بعد أيام .. أشعر مثل طلاب الثانوية العامة الذين ينتظرون نتيجة الفيزياء .. يارب يعدي الأيام دي على خير ..
أنا متفائل إن لجنة التحكيم من الأجانب الذين لا مصالح ولا مجاملات لهم في هذا البلد .. فقط الجودة والإتقان هما اللذان سيحددان النتيجة ..
ياااااه لو اختاروا مشروعي أنا سأفعل المعجزات .. سأتصدق بمال كثير، وأعمل صدقة جارية لينا كلـّنا، وسأعوض سارة كل ذهبها الذي باعته، وأكثر كمان .. وسأشتري لها هدية رائعة على صبرها معي .. وبعد الولادة سآخذها هي والبيبي في رحلة في جنوب سيناء لأعوضها الضغط الذي عاشته معي .. ونعيش شهر عسل جديد .. وسأشتري هدايا لأبي وأمي ..
طيب وشركتي القديمة هل سأستقيل منها أم آخذ أجازة فقط حتى تستقر الأمور؟ يااااه معقول كل حياتي تتغير بهذا الشكل؟
يارب كن معي ولا تخذلني أمام أهلي وأمام نفسي يارب يارب ..

قــالت ســارة:
هل مفروض الأم تكون وجدت كنز سليمان قبل أن تشتري لوازم المولود؟ .. ما هذا الغلاء الفاحش؟ .. معقول ببرونة من ماركة معينة تتجاوز ثمنها 50 جنيه؟ وأقل بطانية بـ 70 جنيه؟
وأنا كنت فاكرة الجمعية اللي عملتها من مرتبي، وطبعاً قبضتها الأول، ستكفي وتفيض .. لا وأنا كنت متخيلة إن الأشياء التي أشتريتها طوال الحمل للبيبي هي الأساس وباقي أشياء لا تذكر .. ولكن أتضح أنـّني كنت أشتري تبع إعلانات التليفزيون؛ شاور علشان حمام البيبي .. لوشن مرطب لبشرته الرقيقة .. أيس كاب لشعره .. والحمد لله إني اشتريت كام فانلة وسالوبيتين علشان الواحد يقول الحق ..
كنت أظن أنـّني اشتريت أغلب الأشياء حتى كلمتني أمي في التليفون وسألتني عما اشتريته للمولود، فرديت بمنتهي الثقة: خلاص ياماما، كله تمام .. فاضل حاجات بسيطة أوي ..
ردّت ماما وقالت: ربنا يقومك بالسلامة يا حبيبتي .. طيب اشتريتي 12 فانلة نص كم و12 بكم؟
فرددت باستغراب: ليه يا ماما؟ أنا جبت 3 كت بس ..
فردّت بجزع: تلاتة؟!!.. ده طول النهار حيغير هدومه .. وكمان كت؟ .. يا مفترية في البرد ده؟ طيب جبتي الشايات؟
فصرخت: مين يا فندم؟ يعني إيه الكلمة دي؟ بتوع إيه؟ .. أنا لو أعرف أقول على طول يا بيه؟
فردّت بتأفف: دول بيتلبسوا تحت الهدوم علشان يدفوا صدره يا ستي .. طيب جبتي البافتات؟ وقبل ما تسألي دول علشان لو رجـّع بعد الرضاعة ولا حاجة؟
وأحسست بدوار شديد وخوف من التوبيخ الذي سأسمعه حالاً، فألقيت بإجابتي وبعـّدت السماعة عن أذني كي لا أسمع: لا إن شاء الله مش ح يرجـّع يا ماما .. وبعدين ممكن أستعمل كلينكس ولا حاجة ..
صرخت ماما في وجهي قائلة: ………….!!!؟ (((محذوف للرقابة)))
فخفت على أمي من الذبحة المتوقعة التي ستصيبها من ردودي، فقلت لها: يا ماما هو أنا عندي عشر عيال؟ ح أعرف الكلام الغريب ده منين؟ .. قولي لي أشتري إيه وأنا أكتبه وأجيبه .. يالا قولي ..
فأخذت أمي ترصّ قائمة طويلة عريضة بها ألف طلب وطلب، وكأني سألد حضانة وليس طفلاً واحداً .. وأنا أكاد أبكي من كل هذه الكوارث .. ياترى لو بعت أوضة السفرة سيكفي ثمنها؟
والغريب أنـّها لم تذكر “اللوشن المرطب” ولا “الآيس كاب” اللذين اشتريتهم بالفعل.!!!!
حاولت أن أنهي المكالمة بانتصار على أمي أنها نسيت شيئاً هاماً جداً، وقلت بمنتهي الثقة والفخر: نسيتي يا ماما أهم حاجة .. أنا بقى ما نسيتهمش، واشتريتهم فعلاً: اللوشن والآيس كاب ..
فبدأت أعراض الذبحة تظهر عليها، وقالت لي بصوت واهن: إقفلي يا سارة السكـّة قبل ما أقفل في وشـّك أنا..!!

استيقظتُ من نوم متقطع بعد العصر بقليل، وخرجت لأكمل ختمة القرآن التي بدأتها كي لا تفاجئني الولادة قبل أن أنهيها، لأجد منظر غريب طار له قلبي ..
وجدت عمر نائماً على كنبة الصالة بكامل ملابسه حتى بالحذاء .. ويخفي وجهه بين يديه بإحكام .. والظلام يحيط به من كل جانب .. فأضأت الأنوار .. وتلمست جبينه لأجده غارقاً في عرقه .. وليس نائماً كما ظننت .. ولكنه شارد النظرات لا يريد أن ينظر إلي ..
فجذبت وجهه إلي وصرخت في جزع: عمر إنت تعبان؟ .. مالك فيه إيه؟ .. إنت كويس؟
عمـر: ………!!!؟
أنا: يا عمر رد عليّ أرجوك .. فيه إيه .. أنا أوّل مرة أشوفك كده .. فيه إيه؟
فردّ بصوت واهن لا يكاد يـُسمع: نتيجة المشروع ظهرت ..
ففهمت كلّ شيء بدون أن يكمل .. وفهمت أنهم لم يختاروا مشروعه .. فسقط قلبي في قدمي .. ومادت بي الدنيا ..

يوميات اتنين متزوجين الحلقة الخامسة عشر

ا[اتنين متزوجين]ا – الحلقة الخامسة عشرة


قــالت ســارة:
بدت صالة منزلنا المتواضع مثل ساحة القتال .. ولكنـّه قتال من نوع خاص هذه المرة .. بدأ بنظرات نارية من حماتي لي .. وأعقبها مصمصة للشفتين، مدعمة بأسلحة دمار شامل من كلمات موجـّهة لي تحرق الدم لأن عمر صالحني ولم يستمع إليها .. وعلى الجانب الآخر من الجبهة كانت أمي تحمل الراية وتوجه مدافعها الرشاشة إلى عمر هذه المرة، لأنه تجرّأ وأغضب القطة الوديعة مغمضة العينين اللي هي أنا .. وكدت أبكي في لحظات كثيرة .. وكاد عمر ينفعل في أوقات أكثر .. ولكنـّنا أخذنا عهداً على أنفسنا قبل أن نعزم الأسرتين على العشاء أنـّنا نبتغي رضا الله من رضاهم، وسنستحمل أي كلمة أو غضب من أحد الطرفين، حتى نمتص شحنة الإنفعال التي تسكن الصدور، وتعود الأمور إلى طبيعتها الأولى ..
وكنت عندما أرى الأمور ستشتعل بين ماما وحماتي أبادر عن الحديث عن البيبي، وكيف أن الحمل متعب جداً، وأنـّني أنام كثيراً جداً ولا أطيق الأكل .. ولكن للأسف كان هذا يأتي بنتيجة عكسية بالطبع مع حماتي لأني: باتدلع على إبنها .. فيغمزني عمر عندما ينقلب وجه أمه من كلامي، وكأنه يقول لي: جيتي تكحليها عميتيها ..

قــال عمــر:
يااااااا ساتر .. أخيراً عدّت السهرة على خير .. دي ولا مفاوضات إسرائيل .. بس كنا يعني حنعمل إيه، حنسيبهم زعلانين مننا؟ المهم إنهم نزلوا هاديين وأحسن من الأول بعد ما فرغوا كل شحنة النكد والعتاب عليّا أنا وسارة .. بس الحمد لله إنهم كده راضيين عننا، علشان ربنا يرضى عننا .. وأحلى حاجة عجبتني موقف الرجال؛ والدي وحمايا من الحدوتة .. أخذوا ركن وقعدوا يلعبوا طاولة، وكل واحد ساب مراته تفرغ قنابلها علينا حتى ترتاح .. واضح إن القنابل دي كانت بتنزل على دماغهم هم فحبوا يرتاحوا شوية ..

قــالت ســارة:
ياااااااااااه ده أنا نمت كتير أوي .. السهرة إمبارح إمتصت كل طاقتي في الإحتمال .. همّ نزلوا من هنا ونمت فوراً بدون مقدمات .. واضح إن عمر نزل الشغل من غير ما يصحيني، وتخلى عن فطاره المتين!! موضوع الحمل ده جه على حساب عمر، وهو كمان حنين جداً وخايف عليّ إني أتعب نفسي في أي حاجة، وأنا طبعا ما صدقت، سايقة الدلع على الآخر، بأستغل الفرصة لآخر نقطة: 


“أف دي ريحتها مش حلوة، شيلها بسرعة” .. “لا مش قادرة أطبخ النهاردة هات أكل معاك” .. “سوق بالراحة علشان البيبي” .. “مزاجي مش رايق، عاوزة أخرج حالاً” .. “نفسي في أم الخلول دلوقتي” .. والغريبة إنه مش متضايق ،ومحسسني إني ح أخلف صلاح الدين الأيوبي ولاّ قطز .. وعاطفته ناحيتي أصبحت أعمق وأهدأ .. بيتكلم عني وكأني لست فرد واحد بل عائلته كلها .. اللهم إجمعنا سوياً على حبك ولا تفرقنا أبداً ..

قــال عمــر:
من ساعة ما سارة سابت الشغل والمصاريف بقت نار، ولسه المدير لم يعطي رأي نهائي في موضوع وظيفة الرد على العملاء من خلال الإنترنت، ولسه متخوف من الفكرة .. يارب يوافق علشان يحل أزمتنا دي يارب .. وخلاص تعبت من فكرة الإقتراض من والدي .. أمتى بقى أقدر أعتمد على نفسي وما أحتاجش لحد تاني؟
يارب إفتح لنا أبواب رزقك الحلال، وأغننا من حلالك ..

قــالت ســارة:
رأيت فكرة مشروع ممتاز على الانترنت، يطلبون تصميم هندسي لمدينة ألعاب ترفيهية تعليمية للأطفال .. وصاحب أفضل تصميم سيأخذ مكافأة سخية، وأيضاً سيعيّن المستشار الهندسي للشركة .. وهي شركة مقاولات متعددة الجنسيات، وراتبها أضعاف ما يتقاضاه عمر ..
عرضت عليه الفكرة فعجبته جداً، وأمضى ساعات على موقع الشركة وهو متحمس جداً لاقترابه من حلمه بالخروج من دوامة عمله الروتيني إلى دائرة الإبداع التي يتمناها، وكان مميز جداً بها في كليته، ولا تتيحها له شركته .. وكان يقضي الساعات يشرح لي أفكار المشروع وأحلامه لو أخذوه هو في هذه الوظيفة الرائعة، وكيف ستتحول حياتنا الى شيء آخر ..
وفجأة وجدته فقد حماسه وانكسر، ولا يتحدث في الموضوع ولا يدخل إلى موقع الشركة .. وعندما سألته عما حدث أجابني بإحباط: خلاص يا سارة، واضح إن الموضوع ده مش لينا ..
قلـت: ليه ياحبيبـي التشاؤم ده؟ إيه اللي حصل ده؟ .. إنت كنت متحمس جداً ..
قـال: لما حسبتها لقيت إنهم عاوزين تأمين لدخول المشروع، حوالي 5 آلاف جنية .. وكمان أنا ح أحتاج معدات تصميم وأدوات ومراجع بمبلغ كبير .. حنجيب ده كله منين؟
قلـت: ياسيدي ربنا يحلها من عنده .. بس بلاش الإحباط ده كله ..
فرد بيأس وانكسار: وبعدين يا ستي يعني هم ح يسيبوا كل الناس اللي متقدمين وياخدوني أنا؟ يعني أنا أزيد إيه عنهم؟
فرددت بحماس: إنت تزيد عنهم إنـّك عبقري وحسـّاس، وبتشوف الأشياء بمنظور خاص بيك، وإنت بنفسك ياما قلتلي إن زمايلك ومديرك نفسه قالوا إن تصميماتك عبقرية، بس محتاجة تمويل كبير .. وبعدين هو أي واحد من الناس الكبار إبتدا حياته إزاي؟ ماهو أكيد كان صغير زيك كده، بس عنده ثقة في موهبته فكبر بيها .. إنت مش عارف قيمة نفسك يا باشمهندس ولا إيه؟
إنتقل الحماس إليه شيئاً فشيئاً ورد وقال: ياستي ربنا يكرمك، بس أنا حآجي إيه جنب كل الناس اللي حتقدم دي؟ مش معقول ح ياخدوني أنا ..
قلـت: أهي هيّ دي محبطات الأعمال اللي الرسول عليه الصلاة والسلام إستعاذ منها .. ياسيدي إعمل اللي عليك واجتهد، والتوفيق على الله .. وبعدين نسيت سلاح ساحر إسمه الدعاء؟ ده يخليك تهزم أي حد قدامك، وتنتصر عليه كمان ..
إستعاد ثقته بنفسه، وتلون صوته بالأمل، ولمعت عيناه وهو يقول: يعني إنتي شايفة كده؟
فرددت بسعادة: طبعاً .. أنا مؤمنة بموهبتك جداً .. يالاّ توكل على الله وابدأ وابذل كل جهدك، ولن يضيعك الله أبداً .. وبكرة تقول سارة كان عندها حق..
إحتضنني بسعادة وهو يقول: ربنا يخليكي ليّا وتفضلي على طول جنبي كده ..
ثم أبعدني عنه عندما تذكر أمراً يؤرقه: طيب والفلوس حنجيبها منين؟ وإنتي عارفة والدي خلص كل مدخراته على جوازنا ..
فرددت بثقة في الله: ما تخافش .. ربنا ح يحلها من عنده ..

في الصباح بعدما ذهب عمر إلى عمله ذهبت في مشوار سري إلى الجواهرجي، وبعت كلّ شبكتي وذهبي قبل أن أتزوج، ولم أترك إلا دبلة زواجي لأن عليها اسم عمر .. يارب المبلغ ده يكفي المشروع .. أكيد عمر حيرفض في البداية، بس ح احاول أقنعه .. بس يارب ما يعملهاش مشكلة
وفي طريق عودتي أخذت جزءاً بسيطاً من المبلغ واشتريت به لحم ودجاج وخضار وفاكهة يعوضنا عن حياة القحط التي نعيشها منذ تركت عملي .. سأعد لعمر وليمة اليوم ..
وعندما دخل عمر البيت وشم رائحة اللحم الشهي ظن أنـّه أخطأ العنوان، لأنه ترك البيت وليس به إلا معلبات .. ثم عندما تأكد من العنوان صرخ مثل طرزان وقال: في بيتنا لحمة يا رجالة؟!! جبتي منين الممنوعات دي يا مدام؟
بلعت ريقي وأنا أتمتم بالمعوذتين في سري، وأخذته لغرفة النوم ليغير ملابسه أولاً وهمست له: مش ح أقول لك إلا لما تقول لي مبروك الأول ..
رد بإبتسامة كبيرة: مبروك يا ستي، إنتي حامل تاني ولا إيه؟
قلـت: يا غلاستك .. لا ياسيدي .. ح أدخل مشروع كبير أوي مكسبه مضمون جداً ..
قـال بغضب: عاوزة تشتغلي تاني ياسارة؟
رددت بدلال: لا يا سيدي، إنت اللي حتشتغل عندي ..
فعقد جبينه وتململ: سارة أنا تعبان ومش رايق للحواديت دي .. قولي فيه إيه؟
بلعت ريقي هذه المرة بصعوبة وقلت: طيب أنا ح أقولك .. بس إهدى كده وفكر الأول قبل ما ترد .. بص ياحبيبي: أنا بعت كل دهبي علشان أوفرلك الفلوس اللي إنت محتاجها للمشروع بتاعك ..
صرخ بعنف وقد تطايرت كلمات الغضب منه: إييييييييييه؟ عملتي إيه؟ إزاي تعملي كده قبل ما تستأذنيني؟ إنتي بتهرجي؟
وضعت يدي على فمه واستحلفته أن يتركني أشرح له: هو أنا عمري عملت حاجة من غير ما أستأذنك يا عمر؟ بس دي ما كنتش حتوافق أبداً عليها .. كان لازم واحد فينا يتحرك قبل ما الفرصة تضيع مننا .. وأنا ياسيدي مش لازمني الذهب ده في حاجة دلوقتي .. وبكرة لما ربنا يفرجها عليك تجيب لي الماس بداله يا سيدي ..
رد بعصبية: برضه كان لازم تستأذنيني الأول ..
قلـت: حقك عليّا .. أنا آسفة .. بس أنا كمان عاوزة حياتنا تتغير، وعاوزاك تكبر .. ويا سيدي لو كنا جينا من برة مرة لقينا الشقة إتسرقت وفيها كل ذهبي كنا ح نعمل إيه يعني؟ مش ح نستعوض الله؟ إعتبره اتسرق ولا ضاع وخلاص ..
رد بعناد: بس أنا كرامتي ما تسمحش إني آخد فلوس من واحدة ست ..
فحككت رأسي علامة التفكير: يااااااا ربي .. أنا شفت الفيلم ده فين قبل كده؟؟ في أي سينما؟ .. ست مين ياحبيبي؟ ده أنا مراتك .. والخير اللي ح يجيلك ح يجيلي أنا كمان .. وبعدين ماهي السيدة خديجة كانت بتساند الرسول عليه الصلاة والسلام بمالها .. إنت يعني أحسن منه؟
فهدأ ولان لمنطقي وقال باستسلام: لا طبعاً .. بس دي تضحية كبيرة منك يا سارة وأخاف أخذلك ..
إبتسمت وقلت: ولا تضحية ولا حاجة .. هو احنا لما نبني حياتنا نبقى بنضحي؟ وبعدين أنا مؤمنة بموهبتك جداً جداً جداً .. وعندي يقين إن ربنا ح يكرمك .. بس إنت يالاّ أبدأ وبلاش كسل ..
أشرق وجهه بالأمل والحب معاً وهو يضمني إليه ويقول: جميلك ده طوق في رقبتي .. ربنا يقدرني ويوفقني علشان خاطرك إنتي يا حبيبتي ..

يوميات اتنين متزوجين - الحلقة الخامسة عشرة

#يوميات_ اتنين_متزوجين   #يوميات_عمر_وسارة  الحلقة الخامسة عشرة


قــالت ســارة:
بدت صالة منزلنا المتواضع مثل ساحة القتال .. ولكنـّه قتال من نوع خاص هذه المرة .. بدأ بنظرات نارية من حماتي لي .. وأعقبها مصمصة للشفتين، مدعمة بأسلحة دمار شامل من كلمات موجـّهة لي تحرق الدم لأن عمر صالحني ولم يستمع إليها .. وعلى الجانب الآخر من الجبهة كانت أمي تحمل الراية وتوجه مدافعها الرشاشة إلى عمر هذه المرة، لأنه تجرّأ وأغضب القطة الوديعة مغمضة العينين اللي هي أنا .. وكدت أبكي في لحظات كثيرة .. وكاد عمر ينفعل في أوقات أكثر .. ولكنـّنا أخذنا عهداً على أنفسنا قبل أن نعزم الأسرتين على العشاء أنـّنا نبتغي رضا الله من رضاهم، وسنستحمل أي كلمة أو غضب من أحد الطرفين، حتى نمتص شحنة الإنفعال التي تسكن الصدور، وتعود الأمور إلى طبيعتها الأولى ..
وكنت عندما أرى الأمور ستشتعل بين ماما وحماتي أبادر عن الحديث عن البيبي، وكيف أن الحمل متعب جداً، وأنـّني أنام كثيراً جداً ولا أطيق الأكل .. ولكن للأسف كان هذا يأتي بنتيجة عكسية بالطبع مع حماتي لأني: باتدلع على إبنها .. فيغمزني عمر عندما ينقلب وجه أمه من كلامي، وكأنه يقول لي: جيتي تكحليها عميتيها ..

قــال عمــر:
يااااااا ساتر .. أخيراً عدّت السهرة على خير .. دي ولا مفاوضات إسرائيل .. بس كنا يعني حنعمل إيه، حنسيبهم زعلانين مننا؟ المهم إنهم نزلوا هاديين وأحسن من الأول بعد ما فرغوا كل شحنة النكد والعتاب عليّا أنا وسارة .. بس الحمد لله إنهم كده راضيين عننا، علشان ربنا يرضى عننا .. وأحلى حاجة عجبتني موقف الرجال؛ والدي وحمايا من الحدوتة .. أخذوا ركن وقعدوا يلعبوا طاولة، وكل واحد ساب مراته تفرغ قنابلها علينا حتى ترتاح .. واضح إن القنابل دي كانت بتنزل على دماغهم هم فحبوا يرتاحوا شوية ..

قــالت ســارة:
ياااااااااااه ده أنا نمت كتير أوي .. السهرة إمبارح إمتصت كل طاقتي في الإحتمال .. همّ نزلوا من هنا ونمت فوراً بدون مقدمات .. واضح إن عمر نزل الشغل من غير ما يصحيني، وتخلى عن فطاره المتين!! موضوع الحمل ده جه على حساب عمر، وهو كمان حنين جداً وخايف عليّ إني أتعب نفسي في أي حاجة، وأنا طبعا ما صدقت، سايقة الدلع على الآخر، بأستغل الفرصة لآخر نقطة: 


“أف دي ريحتها مش حلوة، شيلها بسرعة” .. “لا مش قادرة أطبخ النهاردة هات أكل معاك” .. “سوق بالراحة علشان البيبي” .. “مزاجي مش رايق، عاوزة أخرج حالاً” .. “نفسي في أم الخلول دلوقتي” .. والغريبة إنه مش متضايق ،ومحسسني إني ح أخلف صلاح الدين الأيوبي ولاّ قطز .. وعاطفته ناحيتي أصبحت أعمق وأهدأ .. بيتكلم عني وكأني لست فرد واحد بل عائلته كلها .. اللهم إجمعنا سوياً على حبك ولا تفرقنا أبداً ..

قــال عمــر:
من ساعة ما سارة سابت الشغل والمصاريف بقت نار، ولسه المدير لم يعطي رأي نهائي في موضوع وظيفة الرد على العملاء من خلال الإنترنت، ولسه متخوف من الفكرة .. يارب يوافق علشان يحل أزمتنا دي يارب .. وخلاص تعبت من فكرة الإقتراض من والدي .. أمتى بقى أقدر أعتمد على نفسي وما أحتاجش لحد تاني؟
يارب إفتح لنا أبواب رزقك الحلال، وأغننا من حلالك ..

قــالت ســارة:
رأيت فكرة مشروع ممتاز على الانترنت، يطلبون تصميم هندسي لمدينة ألعاب ترفيهية تعليمية للأطفال .. وصاحب أفضل تصميم سيأخذ مكافأة سخية، وأيضاً سيعيّن المستشار الهندسي للشركة .. وهي شركة مقاولات متعددة الجنسيات، وراتبها أضعاف ما يتقاضاه عمر ..
عرضت عليه الفكرة فعجبته جداً، وأمضى ساعات على موقع الشركة وهو متحمس جداً لاقترابه من حلمه بالخروج من دوامة عمله الروتيني إلى دائرة الإبداع التي يتمناها، وكان مميز جداً بها في كليته، ولا تتيحها له شركته .. وكان يقضي الساعات يشرح لي أفكار المشروع وأحلامه لو أخذوه هو في هذه الوظيفة الرائعة، وكيف ستتحول حياتنا الى شيء آخر ..
وفجأة وجدته فقد حماسه وانكسر، ولا يتحدث في الموضوع ولا يدخل إلى موقع الشركة .. وعندما سألته عما حدث أجابني بإحباط: خلاص يا سارة، واضح إن الموضوع ده مش لينا ..
قلـت: ليه ياحبيبـي التشاؤم ده؟ إيه اللي حصل ده؟ .. إنت كنت متحمس جداً ..
قـال: لما حسبتها لقيت إنهم عاوزين تأمين لدخول المشروع، حوالي 5 آلاف جنية .. وكمان أنا ح أحتاج معدات تصميم وأدوات ومراجع بمبلغ كبير .. حنجيب ده كله منين؟
قلـت: ياسيدي ربنا يحلها من عنده .. بس بلاش الإحباط ده كله ..
فرد بيأس وانكسار: وبعدين يا ستي يعني هم ح يسيبوا كل الناس اللي متقدمين وياخدوني أنا؟ يعني أنا أزيد إيه عنهم؟
فرددت بحماس: إنت تزيد عنهم إنـّك عبقري وحسـّاس، وبتشوف الأشياء بمنظور خاص بيك، وإنت بنفسك ياما قلتلي إن زمايلك ومديرك نفسه قالوا إن تصميماتك عبقرية، بس محتاجة تمويل كبير .. وبعدين هو أي واحد من الناس الكبار إبتدا حياته إزاي؟ ماهو أكيد كان صغير زيك كده، بس عنده ثقة في موهبته فكبر بيها .. إنت مش عارف قيمة نفسك يا باشمهندس ولا إيه؟
إنتقل الحماس إليه شيئاً فشيئاً ورد وقال: ياستي ربنا يكرمك، بس أنا حآجي إيه جنب كل الناس اللي حتقدم دي؟ مش معقول ح ياخدوني أنا ..
قلـت: أهي هيّ دي محبطات الأعمال اللي الرسول عليه الصلاة والسلام إستعاذ منها .. ياسيدي إعمل اللي عليك واجتهد، والتوفيق على الله .. وبعدين نسيت سلاح ساحر إسمه الدعاء؟ ده يخليك تهزم أي حد قدامك، وتنتصر عليه كمان ..
إستعاد ثقته بنفسه، وتلون صوته بالأمل، ولمعت عيناه وهو يقول: يعني إنتي شايفة كده؟
فرددت بسعادة: طبعاً .. أنا مؤمنة بموهبتك جداً .. يالاّ توكل على الله وابدأ وابذل كل جهدك، ولن يضيعك الله أبداً .. وبكرة تقول سارة كان عندها حق..
إحتضنني بسعادة وهو يقول: ربنا يخليكي ليّا وتفضلي على طول جنبي كده ..
ثم أبعدني عنه عندما تذكر أمراً يؤرقه: طيب والفلوس حنجيبها منين؟ وإنتي عارفة والدي خلص كل مدخراته على جوازنا ..
فرددت بثقة في الله: ما تخافش .. ربنا ح يحلها من عنده ..

في الصباح بعدما ذهب عمر إلى عمله ذهبت في مشوار سري إلى الجواهرجي، وبعت كلّ شبكتي وذهبي قبل أن أتزوج، ولم أترك إلا دبلة زواجي لأن عليها اسم عمر .. يارب المبلغ ده يكفي المشروع .. أكيد عمر حيرفض في البداية، بس ح احاول أقنعه .. بس يارب ما يعملهاش مشكلة
وفي طريق عودتي أخذت جزءاً بسيطاً من المبلغ واشتريت به لحم ودجاج وخضار وفاكهة يعوضنا عن حياة القحط التي نعيشها منذ تركت عملي .. سأعد لعمر وليمة اليوم ..
وعندما دخل عمر البيت وشم رائحة اللحم الشهي ظن أنـّه أخطأ العنوان، لأنه ترك البيت وليس به إلا معلبات .. ثم عندما تأكد من العنوان صرخ مثل طرزان وقال: في بيتنا لحمة يا رجالة؟!! جبتي منين الممنوعات دي يا مدام؟
بلعت ريقي وأنا أتمتم بالمعوذتين في سري، وأخذته لغرفة النوم ليغير ملابسه أولاً وهمست له: مش ح أقول لك إلا لما تقول لي مبروك الأول ..
رد بإبتسامة كبيرة: مبروك يا ستي، إنتي حامل تاني ولا إيه؟
قلـت: يا غلاستك .. لا ياسيدي .. ح أدخل مشروع كبير أوي مكسبه مضمون جداً ..
قـال بغضب: عاوزة تشتغلي تاني ياسارة؟
رددت بدلال: لا يا سيدي، إنت اللي حتشتغل عندي ..
فعقد جبينه وتململ: سارة أنا تعبان ومش رايق للحواديت دي .. قولي فيه إيه؟
بلعت ريقي هذه المرة بصعوبة وقلت: طيب أنا ح أقولك .. بس إهدى كده وفكر الأول قبل ما ترد .. بص ياحبيبي: أنا بعت كل دهبي علشان أوفرلك الفلوس اللي إنت محتاجها للمشروع بتاعك ..
صرخ بعنف وقد تطايرت كلمات الغضب منه: إييييييييييه؟ عملتي إيه؟ إزاي تعملي كده قبل ما تستأذنيني؟ إنتي بتهرجي؟
وضعت يدي على فمه واستحلفته أن يتركني أشرح له: هو أنا عمري عملت حاجة من غير ما أستأذنك يا عمر؟ بس دي ما كنتش حتوافق أبداً عليها .. كان لازم واحد فينا يتحرك قبل ما الفرصة تضيع مننا .. وأنا ياسيدي مش لازمني الذهب ده في حاجة دلوقتي .. وبكرة لما ربنا يفرجها عليك تجيب لي الماس بداله يا سيدي ..
رد بعصبية: برضه كان لازم تستأذنيني الأول ..
قلـت: حقك عليّا .. أنا آسفة .. بس أنا كمان عاوزة حياتنا تتغير، وعاوزاك تكبر .. ويا سيدي لو كنا جينا من برة مرة لقينا الشقة إتسرقت وفيها كل ذهبي كنا ح نعمل إيه يعني؟ مش ح نستعوض الله؟ إعتبره اتسرق ولا ضاع وخلاص ..
رد بعناد: بس أنا كرامتي ما تسمحش إني آخد فلوس من واحدة ست ..
فحككت رأسي علامة التفكير: يااااااا ربي .. أنا شفت الفيلم ده فين قبل كده؟؟ في أي سينما؟ .. ست مين ياحبيبي؟ ده أنا مراتك .. والخير اللي ح يجيلك ح يجيلي أنا كمان .. وبعدين ماهي السيدة خديجة كانت بتساند الرسول عليه الصلاة والسلام بمالها .. إنت يعني أحسن منه؟
فهدأ ولان لمنطقي وقال باستسلام: لا طبعاً .. بس دي تضحية كبيرة منك يا سارة وأخاف أخذلك ..
إبتسمت وقلت: ولا تضحية ولا حاجة .. هو احنا لما نبني حياتنا نبقى بنضحي؟ وبعدين أنا مؤمنة بموهبتك جداً جداً جداً .. وعندي يقين إن ربنا ح يكرمك .. بس إنت يالاّ أبدأ وبلاش كسل ..
أشرق وجهه بالأمل والحب معاً وهو يضمني إليه ويقول: جميلك ده طوق في رقبتي .. ربنا يقدرني ويوفقني علشان خاطرك إنتي يا حبيبتي ..
...................
ونكمل في الحلفة القادمة